فقرات وفصول من مذكرات الأستاذ محمد عادل فارس: سجن ودعوة.. ومعركة

فقرات وفصول من مذكرات الأستاذ محمد عادل فارس: سجن ودعوة.. ومعركة

التصنيف: من عبر التاريخ
الجمعة، 25 رجب 1446 هـ - 24 جانفي 2025
310

مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد قائد الغر الميامين، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على دربه واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
كان كتابي الأول: "لأنهم قالوا: لا" مذكرات سجنية، تدون مشاهدات عن مرحلة السجن الأول 1973- 1977م.
أما هذا الكتاب فهو يتناول ثلاثة موضوعات بينها وشائج قربى.
1- المرحلة الفاصلة بين السجنين السابق واللاحق، بما فيها من عمل دعوي وإرهاصات للتفجير، أو المواجهة، أو المعركة... التي حصلت فيما بعد.
2- السجن الثاني الذي امتدّ عشرة أشهر من 28/4/1979م وحتى 28/2/1980م بما تضمنه كذلك من مشاهدات وانطباعات وتحليلات، وبما واكبه من نشوب المعركة.
3- المعركة وجذورها وأحداثها وتداعياتها.


*****


ولقد حرصتُ كل الحرص على أن أكون موضوعياً فأذكر الأحداث ومحرّكيها، بقدر من الإنصاف والعدل. وهذا ما يجعلني أذكر وجهات النظر المختلفة، كما أذكر الإيجابيات والسلبيات.
لكن هذا كله لا ينفي "الذاتية"، إذ لا يستطيع كاتب أن يتجرد عن قناعاته، فضلاً عن أن يتجرد عن عواطفه، إنما حاولت جاهداً أن أبتعد عن الجنوح والغلو في أي موقف، وأن ألزم نفسي بما يظهر لي من حقائق.
ولا أعجب بعد هذا أن تروق هذه الكتابة أخاً، وتغيظ آخر، أو تروق بعض السطور أخاً، وتغيظه سطور أخرى، ولم أقصد بما كتبتُ إغاظة أحد، إنما ابتغيت وجه الله عز وجل، فما أصبتُ فمن فضله، وما أخطأتُ فمن قصوري.
ومن الأمور المحرجة أن أذكر سلبيات في بعض الشخصيات الإسلامية، فقد تعوّدنا في أدبياتنا وثقافتنا المكتوبة أو الشفهية، أن نصنّف الناس إلى ملائكة أو شياطين. ومع اعترافنا الظاهر بأنّ البشر، سوى الأنبياء، ليسوا معصومين، وأنه يكفي الإنسان خيراً أن يكون مؤمناً وأن ترجح حسناته على سيئاته فإننا لا نكاد نتقبّل الاعتراف بسلبية واحدة في شخصية نحبها، أو إيجابية واحدة في شخصية نبغضها.
لقد تجاوزت هذا الإحراج أحياناً كثيرة فذكرت بعض السلبيات في شخصيات عظيمة، وأقرّ بأنها عظيمة، وأسأل الله أن يغفر لها أخطاء مغمورة في بحور حسناتها، وأن يغفر لي إن كان عملي هذا مسيئاً.
وأقول: ما لم نعترف بالقصور والخطيئة فكيف نفسّر كثيراً من الأحداث السلبية؟!.
إنه لا يكفي أن نصنّف العدو بأنّه كافر أو ظالم أو خائن... بل يجب كذلك أن نتذكر قول الله تعالى في فئة هي أعظم منا جميعاً: "أوَلمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثلَيها قلتم: أنّى هذا؟. قل هو من عند أنفسكم"، فنرى ما الذي كان من ضعفنا، من هوانا، من بقايا تعصب تنظيمي أو إقليمي. وإنه من خلال تعاملي عبر السنين مع إسلاميين من مشارب مختلفة، ومع غير إسلاميين، رأيت أمثال هذه العيوب، عيوب التعصب التي تجعل من كان من عصبتك إنسانا كاملا، ومن كان من عصبة أخرى إنسانا سيئا. وأما غير الإسلاميين فحدّث ولا حرج، عن تعصب وغيره.

ومن المفيد أن أذكّر أن لكل حدث وزناً يتناسب مع سياقه التاريخي بما يعني معرفة جذوره وملابساته وتداعياته. وبغياب استحضار ذلك السياق سيكون الحكم على الحدث مبتوراً أو مبتسراً أو خاطئاً كل الخطأ.
وبما أن معظم أحداث الكتاب يتناول حقبة 1979- 1983م، وأنا أكتب ذلك، أو معظمه عام 2008م فما بعد، فإن الذاكرة لا يمكن أن تكون وافية شافية في تغطية كل حدث، فضلاً عن أن بعض الأحداث لم أكن شاهداً مباشراً عليها، وإن عشتُ في أجوائها.
استعنتُ بالله عز وجل أولاً وآخراً، ثم استعنت ببعض شهادات حية في مواضع قليلة (كتوجيه أسئلة للسيد عبد اللطيف الزعيم، شقيق عبد الستار، والسيد غازي جواد، شقيق عمر)
واستعنت كذلك ببعض الإصدارات أو المذكرات:
- الثورة الإسلامية الجهادية في سورية، وهو مجلد ضخم منسوب لعمر عبد الحكيم. وقد أفدتُ مما فيه من وثائق ومراسلات.
- مذكرات الشهيد أيمن شربجي. وقد اطلعت عليها حين كانت مخطوطة وقرأت بعضها بشيء من الدقة وأفدت منها في تسجيل ما له علاقة بدمشق وعملياتها ومجاهديها وشهدائها.
وقد لاحظتُ أن معرفة أيمن، بقدر ما كانت كبيرة في شؤون دمشق، كانت ضئيلة فيما يتعلق بالمحافظات الأخرى، فلم يذكر عن حلب وحماة إلا القليل، وقد كانتا مسرحاً لعمليات كثيرة ولم يذكر شيئاً ألبتة عن المحافظات الأخرى إدلب واللاذقية وحمص ودير الزور ودرعا... فهذه المحافظات لم تخلُ من بعض عمليات.
وليس هذا مستغرباً فإن معلوماتي كذلك عما جرى في غير محافظة حلب، معلومات ضئيلة كذلك، لأن العمل في مرحلة ما قبل المدفعية كان سرياً، وبعدها كان التواصل بين المحافظات ضعيفاً بسبب القيود الأمنية الصارمة. فكان المجاهدون في أي محافظة يتصرفون وكأنهم قيادة مستقلة.
وبالمناسبة فإن أيمن – رحمه الله – استشهد قبل إكمال مذكراته، فأكملها عنه أخ آخر بدءاً من صفحة 128.

وقد تولّى قيادة التنظيم، بعد استشهاد القائد أيمن شربجي، الأخ عاطف قهوجي، وهو الذي نفذ عملية مجلس الوزراء، وقد استشهد في إحدى المداهمات.
- كتاب: "الصراع على السلطة في سورية"، تأليف نيقولاس فان دام.
- كتاب "الأسد"، تأليف باتريك سيل.
- كتاب: "سورية لا خبز ولا حرية"، تأليف آلن جورج، وتعريب حصيف عبد الغني.
- كتاب: "تدمر شاهد ومشهود"، تأليف محمد سليم حماد.
- كتاب "خمس دقائق وحسب" تأليف هبة الدباغ.
- كتاب "أيام عشتها" تأليف محمد معروف (ضابط سوري نصيري).
- كتاب "حقائق عن تطورات الأحداث السياسية في سورية (1946- 2000م)" تأليف محمد عبد الرحمن الأنصاري.
- كتاب "أوراق شامية من تاريخ سورية المعاصر: 1946- 1966م" للدكتور غسان حداد.
- كتاب "الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر: دراسة بنائية مقارنة" تأليف خلدون حسن النقيب، إصدار مركز دراسات الوحدة العربية.
- تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان عن الفترة 1979- 1999م.
- مقال "البعث الشيعي في سورية" لعبد الرزاق عيد.
- موجز تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في سورية – إعداد لجنة التاريخ في جماعة الإخوان المسلمين.
- مذكرات بعض مسؤولي جماعة الإخوان المسلمين التي قدموها إلى لجنة التقويم في الجماعة أو لجنة التاريخ أو غيرهما: مذكرة الأخ علي البيانوني، ومذكرة الأخ محمد الحسناوي، ومذكرة الأخ خالد البيطار، ومذكرة الأخ محمد حمدان السيد، ومذكرة الأخ عبد الله عيسى السلامة.
- خطة جماعة الإخوان المسلمين التي صدرت عام 1977م أو 1978م.
- كراس بعنوان "الوثيقة" لعبد الحق شحادة.
- مقال من موقع "مفكرة الإسلام" على الإنترنت بعنوان: الخلط بين الطائفية وفضح الطائفية.
- كتاب "سنوات الخوف – الحقيقة والعدالة في قضية المختفين قسرياً في سورية". تحرير رضوان زيادة.
- كتاب "هذه تجربتي وهذه شهادتي" – القسم الثاني، للشيخ سعيد حوا.
- وجهة نظر في أحداث الثمانينيات (وهي مذكرات للشيخ منير الغضبان تقع في 235 صفحة من قطع A4 بخط يده.
- كتاب "الإخوان المسلمون في سورية" للأستاذ عدنان سعد الدين.
- مذكرات الدكتور رشيد العيسى على الفيسبوك.
- نُقولٌ من بعض مجلات ودوريات أشرتُ إلها في أماكنها من الكتاب. أهمها: النذير (التي كانت تصدر عن جماعة الإخوان المسلمين في سورية – صدر العدد الأول منها في شوال 1399هـ الموافق لآب 1979م)، النصر (المجلة الناطقة باسم الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين في سورية).
- ملف لجنة التقويم. هذه اللجنة التي كلفتها الجماعة بجمع المعلومات ومناقشتها والوصول إلى تقويم مجريات الأحداث التي جرت بين عامي 1975 و1986م.
تعليقات على المراجع:
1- لا يعني أخذي شيئاً من أحد المراجع أنني أتبنى كل ما في ذلك المرجع، أو أتبنى توجهات صاحبه.
2- بعض الكلام كنتُ أنا المرجع فيه، بمعنى أنني الشاهد عليه، أو المعلّق عليه، أو المحلل له، أو الناقل عن الشاهد عليه.
3- صدر من مجلة النصر سبعة أعداد، لم أستطع الحصول على العدد الأول منها، أما الأعداد الستة الباقية فقد اعتمدت اعتماداً كبيراً على الأخبار التي فيها، ولعلي نقلت هذه الأخبار بكاملها حرفياً، فهي في رأيي أخبار موثقة صادرة عن صانعي الأحداث أنفسهم، في الفترة التي يتحدثون عنها.
4- أما أعداد النذير فإن آخر عدد توصلتُ إليه هو العدد رقم 134، ولا أدري إذا كان قد صدر بعده أعداد أخرى. ولم أستطع الوصول إلى جميع الأعداد من 1- 134، ولكنني وصلت إلى معظمها.
ومع أني اتبعتُ التسلسل التاريخي للأحداث لكنني لم أجد بداً من تتبع كل حالة بدءاً من جذورها وانتهاء بتداعياتها، وهذا ما جعل بعض الأحداث يُذكر من خلال تتبع حالة معينة، قبل أن تُذكر أحداث أخرى حدثت قبل ذلك في سياق حالة أخرى.

لا أتحدث هنا عن السجن الكبير الذي يحدّه من الشمال تركية، ومن الشرق العراق... وتديره ثلّة طائفية تحكم باسم "الحزب القائد"، إنما أتحدث عن السجن بالمعنى الخاص، ذلك الذي أحدثَتْه تلك الثلّة، داخل السجن الكبير.
دخلت السجن مدة أربع سنوات: من 6/4/1973م حتى 7/4/1977م نُقلّت خلالها بين فرع مخابرات أمن الدولة في حلب، وفرع الحلبوني في دمشق، وسجن حلب المركزي. وهذه المدة من سجني هي التي أفردتُ لها مذكراتي السجنية الأولى: "لأنهم قالوا: لا".
وبعد خروجي من السجن الأول بقيت سنتين أتحرك ضمن السجن الكبير، حتى اعتقلت مرة أخرى في 28/4/1979م، ثم خرجت بفضل الله تعالى في 28/2/1980م، وهذا الاعتقال الثاني هو السجن الآخر الذي أتحدث عنه. وسأتحدث عن فترة السنتين الفاصلة بينهما، وعن تداعيات تتعلق بالعمل الدعوي وبالصدام مع السلطة الباغية..


محمد عادل فارس

تنويه:

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

مقالات ذات صلة

معارك حاسمة في رمضان 2 - معارك في رمضان
الأربعاء، 12 شوال 1430 هـ - 30 سبتمبر 2009معارك حاسمة في رمضان 2 - معارك في رمضان
أشرنا في التجديد السابق قبيل شهر رمضان ما حفل به هذا الشهر الكريم من بطولات ومعارك حاسمة ،...
قل كل يعمل على شاكلته - (جيش محمد صلى الله عليه وسلم في سمرقند)
الأربعاء، 12 شوال 1430 هـ - 30 سبتمبر 2009قل كل يعمل على شاكلته - (جيش محمد صلى الله عليه وسلم في سمرقند)
الحمد لله ثم الحمد لله و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و نشهد أن سيدنا ونبينا ...
أسرى بدر ومدرسة التربية - كنتم خير أمة أخرجت للناس
الأربعاء، 12 شوال 1430 هـ - 30 سبتمبر 2009أسرى بدر ومدرسة التربية - كنتم خير أمة أخرجت للناس
الأسرى ومدرسة التربية        روى الإمام أحمد عن أنس(1)، واب...