‏شارلي أيبدو من جديد

‏شارلي أيبدو من جديد

التصنيف: ركن الشباب
الاثنين، 28 ربيع الأول 1436 هـ - 19 جانفي 2015
1133

 

 

هذا المقال يتناول مسألة قتل المستهزئ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وراسم الكاركاتير، ولا يتناول ما جرى في شارلي ايبدو بكل حيثياته لسبب جوهري هو: أنّ ما جرى في شارلي ايبدو مريبٌ بالنسبة إليَّ من جميع نواحيه:

1- طريقة الهجوم

2- كون الهجوم بأمر من القاعدة في اليمن! المشغولة بقتال الجيش اليمني والحوثيين والأمريكان! لكن العملية في فرنسا.

3- العملية بأمر من العولقي الذي قُتِل منذ فترة عن طريق جاسوس دنماركي (بلاده نشرت كاركاتيرات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً!).

4- كون العملية تمت بعد سنوات من نشر الكاركاتير!

5- التسجيل الصوتي بين الصحفي وأحد مرتكبي العملية، كيف ومتى؟

6- الهويات التي عُثر عليها لمنفذي العملية، تذكرني بالجوازات السعودية التي سقطت من الطائرة التي ارتطمت بالبرجين! وقد سخر البعض منها بهذا الكاركاتير: (الظاهر في تعليقي على هذا المنشور بالأسفل).

7- مقتل منفذي العملية بظروف غامضة! انتحار المحقق الفرنسي الذي تولى العملية!

8- تعامل أفراد الشرطة مع الحدث

http://www.youtube.com/watch?v=vxNpnYUvQhQ&feature=youtu.be

9- مقتل الشرطي والتشكيك في إطلاق النار على رأسه أصلاً، وهو ما يوضحه هذا التعليق:

http://www.youtube.com/watch?v=yJEvlKKm6og

ولهذا فإنّ حديثي ينطلق من افتراض أنّ هناك مسلماً غيوراً قام بهذه الفعلة، دون النظر إلى فرضية أنّ كل ما تم هو من صنيع المخابرات الفرنسية أو غيرها، ودون النظر إلى تفاصيل وملابسات الموضوع أو الشك في مصداقية الأحداث كلها.

أخلص من هذا كله لأقول:

أولاً: إنّ المؤمن يغار على ربه عزّ وجل، وغيرته حاملةُ له على طلب رضاه سبحانه وبغض ما لا يرضاه من القول والعمل، ويغار كذلك على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فيفديه بنفسه وماله كما فعل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه أموالنا بين يديك فاحكم فيها بما شئت وهذه نفوسنا بين يديك لو استعرضت بنا البحر لخضناه نقاتل بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك.

ومن لم يحرِّك ساكناً تجاه الاستهزاء بنبيه –سواء كان مع أو ضد ما حدث في شارلي-، وكان سيفاً على المسلمين في الاصطفاف مع الكفار والتضامن معهم واتهام المسلمين بالإرهاب، فعليه أن يراجع إيمانه ويحاسب نفسه فإنه من جنس الذي قال الله تعالى فيهم: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}.

أليس من العيب أن يدين بابا الفاتيكان (فرنسيس) ما قامت به صحيفة شارلي بقوله: "كل فرد يملك ليس فقط الحرية والحق بل أيضا الواجب في التعبير عن أفكاره للمساعدة على الصالح العام، واستخدام هذه الحرية أمر مشروع لكن من دون إهانة، إذا أدلى صديق بأقوال مسيئة حول والدتي فقد يتوقع تعرضه للكمة، هذا طبيعي. لا يمكن الاستفزاز وإهانة معتقدات الآخرين، لا يمكن السخرية منها"، ثمّ يأتي من ينتسب إلى الإسلام-اسماً لا مضموناً- ليقول: (كلنا شارلي) أو كما يقول ابراهيم عيسى: "هؤلاء شهداء الإعلام".

قال ابن القيم في (روضة المحبين: ص274): (وإذا ترحَّلت هذه الغيرة من القلب ترحلت منه المحبة بل ترحَّل منه الدين وإن بقيت فيه آثاره، وهذه الغيرة هي أصل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الحاملة على ذلك، فإن خلت من القلب لم يجاهد ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فإنه إنما يأتي بذلك غيرة منه لربه).

 

ثانياً: إنّ غيرة المؤمن فيما أوجبه الشرع محمودة، فإن تعدَّت الحد المراد شرعاً، فإنه يُحتمل منها ما ليس فيه اعتداء على غير المذنب.

وفي الصحيح أنَّ سعد بن عبادة-رضي الله عنه- قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني».

مع أنّ الحد الشرعي ليس كذلك، لكن لما كان حامل ذلك هو الغيرة على محارم الله تعالى، وكان الزوج معنياً بتحقق الأذى في حقه بخلاف غيره، وافق النبي صلى الله عليه وآله وسلم سعداً وقال ما قال.

وهذا الفاروق عمر-رضي الله عنه- في أكثر من موقف من مواقف السيرة، يقول عن أناس ارتكبوا أموراً جساماً: إنهم منافقين، ويطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن له بضرب أعناقهم ، قالها تارة في ذي الخويصرة التميمي، وقالها في عبد الله بن أبي سلول، وقالها في حاطب بن أبي بلتعة، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الغيرة الإيمانية بل وضِّحَ له في كل موطن من هذه المواطن سبب امتناعه عن إجراء العقوبة عليهم –على اختلاف حالهم وحكمهم-.

لكن هذه الغيرة إذا تعدَّت الحد الاعتيادي والجائز في الاجتهاد والتأويل إلى حد الاعتداء وانتهاك حرمة الدماء المعصومة، فإنّ الحكم الشرعي وردة الفعل النبوية تتغير.

ترى هذا جلياً في حادثة (بئر معونة) في السيرة النبوية، تلك الحادثة المحزنة التي قُتِل فيها قرابة السبعين من القراء –غدراً-، أولئك العِظام الذين حزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأجلهم أشد الحزن، وقنت على قاتليهم (رعل وذكوان وعصيَّة) في صلاته شهراً، هؤلاء القراء المغدور بهم، نجا منهم عمرو بن أمية الضمري –رضي الله عنه-، وفي طريقه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليخبره خبر غدر القوم بالقراء التقى رجلين من بني كلاب، فقتلهما انتقاماً للصحابة الذين قُتلوا عند بئر معونة، واعتقد بذلك أنه أخذ بثأر أصحابه، فغَضِب لذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأدَّى ديتهما.

ومثله ما جرى لأسامة بن زيد-رضي الله عنه- في إحدى السرايا حين علا بالسيف على رجلٍ من الكفار- فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، فقتله أسامة، عَظُم على النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- ما فعل: فقال: أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟! قال: يا رسول الله، والله ما قالها إلا متعوذاً، قال: فهلاّ شققت عن قلبه! من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة، يقول أسامة: فما زال يكرر ذلك حتى تمنيت أني أسلمت للتو.

ومثله ما جرى مع خالد بن الوليد-رضي الله عنه- حين لم يعد قول القوم: صبأنا صبأنا، بمعنى: أسلمنا، فقتلهم وأسر منهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكبُر عليه ذلك، واستقبل القبلة وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد.

ومع شدة نكيره -صلى الله عليه وآله وسلم- على هؤلاء الصحب حين أخطأوا، والذين دفعهم الحماس إلى تجاوز حدود الشرع دون شعور منهم، إلا أنه تبرأ من فعلهم وخطأهم ولم يتبرأ منهم، بل كانوا عنده في المكان الأسمى.

والمقصود أنّ ما تم في حادثة شارلي، إن كان مقتصراً على راسمي الكاراكتيرات والآمر لهم بذلك، لكان الأمر لا يعدو أن يكون من النوع الأول الذي ذكرناه، لكن قتل واستهداف غير هؤلاء ومنهم من هو مسلم، فإنّ فيه تجاوزاً جلياً للشرع، يذم فيه مرتكبه ولو كان دافعه شرعي.

 

ثالثاً: كان سبب نقض العهد الذي بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبني قينقاع أنَّ صائغاً منهم كشف عورة امرأة مسلمة في السوق، فصاحت، فانتصر لها رجلٌ من المسلمين فقتل ذلك الصائغ، فقتلوه، فاستصرخ أهل هذا المسلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة وحاصروهم، لولا تدخل عبد الله بن أبي سلول المنافق واستشفاعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأجل كونهم حلفاء قومه، فأجلاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطردهم خارج أرضهم شر طردة.

فأنت ترى كيف اعتبر الاعتداء على مسلم أو مسلمة نقضاً للعهد، فكيف لو كان الاعتداء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأي عهدٍ سيبقى بيننا وبين من يدافعون عمن يتناول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسوء؟!

ثمّ أنت ترى موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيال قتل المسلم الغيور للصائغ، وقد يمكن القول بأنّ فعلة الصائغ يستحق عليها التأديب والعقوبة الشديدة لا القتل، ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يستنكر غيرة هذا المؤمن على أعراض المسلمين، ولم يخطئ صنيعه، بل انتصر له، واعتبر قتله نقضاً للعهد.

حديث الملحمة الكبرى -المشهور- والذي فيه: (ستصالحون الروم صلحا آمناً فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم فتنصرون وتغنمون وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة ..).

وفيه أنّ ذاك الرجل المسلم غار لدينه وقتل النصراني الذي قال: غلب الصليب، أي: غلب الكفر، مع كونهم –أي: المسلمين- قد شاركوا معهم في ذلك القتال، وليس في الحديث إدانة لفعل المسلم، بل وُصِف الروم بأنهم الغدرة لأجل نقضهم العهد واجتماعهم لقتال المسلمين لمّا قتل المسلم منهم هذا المجترئ على المسلمين وعلى دينهم.

ولذا فإنّ تعدّي الكفار على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو على حرمات المسلمين ناقضٌ للعهد، فكيف إذا لم يكن هؤلاء الذين نتكلم عنهم معاهدين أو ذميين بالأصل وإنما محاربين!

 

رابعاً: ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تشريع حكم القتل لمن بلغه أذاه فيه، والمسلم المسدد لا يقدِّم فوق كلام الله تعالى ولا كلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم قولاً آخر، لا من رأيه ولا من رأي غيره، فكيف لو كان المقدَّمُ هو دساتير الغربيين ومنظماتهم ومؤسساتهم وإعلامهم أو أدواتهم العربية في المنطقة؟!

قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]

وقال عزّ من قائل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: 60، 61]

فقد أمر عليه الصلاة والسلام بقتل (كعب بن الأشرف) وقال: مَنْ لكعب بن الأشرف، فإنه يؤذي الله ورسوله، وقد قتله الأنصار.

وقد قال القاضي عياض في (الشفا: 2/225): ووجَّه إليه من قتله غيلة دون دعوة، بخلاف غيره من المشركين، وعلَّل قتله بأذاه له، فدلَّ أنّ قتله إياه لغير الإشراك، بل للأذى.

وأمر بقتل أبي رافع (سلّام بن أبي الحقيق)، وقتله الأنصار.

وأمر يوم الفتح الذي عفا فيه عن اعتزل القتال من المشركين أن يُقتل ابن خَطَل، وجاريتيه اللتين كانتا تُغنيان بسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي غزوة بدر الكبرى أُسِر عقبة بن أبي معيط، فأمر به أن يُقتل صبراً في الطريق، ولم يجعله من جُملة الأسارى، لأنه معروفاً بإيذاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل الهجرة، حين وضع سلا الجزور على ظهره صلى الله عليه وآله وسلم وهو ساجد وتضاحك مع القوم، وحين خنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة، وتفل في وجهه مرة أخرى، وقد صاح حينها: مالي أُقتل من بينكم صبراً؟! فردّ عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بكفرك وافترائك على رسول الله.

وفي رواية: قال: من للصبية؟ يريد أبنائه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: النار.

والفريد في الأمر أنّ المأمور بقتله -في أحد الأقوال- هو علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-، وقد فعل، فمن يدّعي أنّ إسلامه علوياً، فليستحِ قليلاً وليتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي-رضي الله عنه-.

بل إنّ في حادثة الإفك أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب في الناس، فقال عن عبد الله بن أبي بن سلول: من يعذرني في رجلٍ قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت فيهم إلا خيراً.

فقال له سعد بن معاذ: أنا أعذرك منه يا رسول الله، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.

وهذا النوع من الإيذاء في العِرض ممن تولى كِبر الموضوع وكان قاصداً لإيذاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استحق لأجله القتل، وموقف سعد يؤكده، وقد قَبِل منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله.

 

خامساً: يراعى في إقامة هذا الحد (المصالح والمفاسد)، فإنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ترك إقامة الحد على ابن أبي سلول لأجل هذا، كما ترك آخرين.

ولم يُعهد عنه صلى الله عليه وآله وسلم إقامة هذا الحد في مكة حين كان المسلمون في ضعف، وقلة عدد، واكتفى عليه الصلاة والسلام حينها بالدعاء على المشركين وبالصبر، وهذا الحال متحققُ تماماً في المسلمين بأوربا وغيرها من بلاد الكفر، لسببين:

الأول: أنّ النفوس جُبِلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، وهذه البلدان قد استقبلت اللاجئين من بلادهم –المسلمة اسماً- حين وقعت عليهم مظالم أو حروب طائفية أو غيرها، فمن غير العدل والإنصاف أن يقابل هذا اللاجئ ما قدَّمته هذه البلاد له من الأمان والعيش الكريم بإخلال لأمنها، وإن كان محقاً.

وهو من جنس إجارة أبي البختري (المشرك) للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قَدِم من الطائف، وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بدر الكبرى أن ينادى بأن لا يُقتل هذا الرجل-عرفاناً بصنيعه تجاه رسول الله- مع أنه قد خرج لقتال رسول الله! لكنهم وجدوه مقتولاً.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولته الشهيرة في أسارى بدر (المشركين): "لو سألني أبو البختري أن أطلق له هؤلاء النتنى لأطلقتهم له"، عرفاناً منه صلى الله عليه وآله وسلم بجميل هذا الرجل.

الثاني: أنّ اللاجئ في أوربا وغيرها مستضعف، ولو كان له قوة وسندٌ من أهله المسلمين لما ترك أرضه إلى غيرها، فمن الضروري في حق أمثاله أن لا يثير على نفسه ولا إخوانه المسلمين رياحاً لا يقدر على صدها هو ولا أبناء الجالية المسلمة.

وهنا تتجلى فِطنة ودقة فهم الإمام ابن تيمية في (الصارم المسلول) إذ يقول: (فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).

 

سادساً: اختطاف الجماعات الجهادية لمشروع الانتصار للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، على ما هم عليه من مخالفات شرعية، وتساهل في دماء المسلمين المعصومة فضلاً عن غيرهم هو مصيبة أخرى في رأيي.

والتنافس والتسابق بين القاعدة وبين تنظيم الدولة في تبني الواقعة ووقائع مثيلة، يسيء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلى القيمة الروحية المرتبطة بالانتصار له أكثر من إساءة الكفار.

فمن شأنه أن يربط صورة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمشاريع هذه الجماعات التي تخالف الشريعة في بعض ممارساتها على الأرض أو تقريراتها الفكرية.

النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين بل للناس كافة (مؤمنهم وكافرهم)، وليس لحزبٍ أو جماعة لها أجندتها أو مشروعها الذي تقنع به الناس من خلال مثل هذه الحوادث.

تنويه:

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

مقالات ذات صلة

رمضان بين التضييع والاستثمار
الأربعاء، 23 شعبان 1439 هـ - 9 ماي 2018رمضان بين التضييع والاستثمار
 قال عليه وعلى آله الصلاة والسلام: «هذا رمضان قد جاءكم، تُفتح فيه أبوابُ الجنة...
أحكام فقهية مهمة عن رمضان يجدر أن تتعلمها النساء
الأحد، 30 شعبان 1437 هـ - 5 جوان 2016أحكام فقهية مهمة عن رمضان يجدر أن تتعلمها النساء
    1.     يجب تبييت النِّيَّة كل ليلة قبل طلوع الفجر عن كل يوم من ...
ترى كيف يتخاطب الإسلاميون بعضهم مع بعض - تقويم للخطاب الإسلامي الإسلامي...
الأربعاء، 12 شوال 1430 هـ - 30 سبتمبر 2009ترى كيف يتخاطب الإسلاميون بعضهم مع بعض - تقويم للخطاب الإسلامي الإسلامي...
بعد يوم مليء بالزيارات المتعددة لشتى التجمعات الإسلامية قررت أن أكتب هذه الخاطرة هدفها توص...