مذبحة الجامع الأموي في عهد البعث الآثم

مذبحة الجامع الأموي في عهد البعث الآثم

هذا المسجد العظيم الذي لم يتجرأ المحتلون على أن يمسوه بأذى، حتى جاء نظام البعث بعد سيطرة عساكره على الحكم، فلقي منهم الأذى بعلمائه ومصليه وبنائه.


ومن المناسب هنا أن نعرج على ما كتبه الدكتور عبد الرحمن بن حسن حبنكة الميداني في كتابه (الوالد الداعية المربي) عن المجزرة التي أقامها صبيان النظام وعساكره للمسجد والمصلين في عام 1965 م.


يقول الشيخ: وكانت السلطة قد انتدبت كتيبة عسكرية مدججة بالأسلحة النارية، سريعة الطلقات بقيادة سليم حاطوم، ومعه أسلحة مدرعة، لتطويق جامع بني أمية الكبير، بغية الإيهام أن الموجودين في الجامع قد اجتمعوا للقيام بفتنة مسلحة في البلاد، ثم الانقضاض عليهم بالأسلحة النارية حصدا، دون تمييز بين مشارك في المظاهرة ومصلٍّ، وشيخ عجوز عاكف في المسجد يتلو كتاب الله .


وفي الساعة التي ظن فيها مدبرو المكيدة أن النصاب المقصود تجميعه في الفخ، قد اكتمل هجم الجنود بأسلحتهم، وتقدمت دبابة فكسرت باب المسجد، ودخله الجنود بغارة وحشية يقتلون المسلمين فيه تقتيلا حاقدا برصاص الأسلحة النارية سريعة الطلقات وكانت مذبحة رهيبة حقا، داخل رابع مسجد عظيم من مساجد العالم الإسلامي، قتل فيها خلق كثير، وفيهم شيوخ عجزة من ملازمي الجامع الأموي للصلاة وتلاوة القرآن. وهذه المذبحة الشنيعة لم يحدث نظيرها في كل عهود الاستعمار الغربي!؟


وإن يكن حدث نظيرها في هجمات المغول على الديار الإسلامية، و هجمات القرامطة صنائع اليهود على البيت الحرام و حجاج المسلمين، فكم من راكع في صلاته و ساجد سقط صريعا برصاص هؤلاء الجنود الذين دخلوا كالوحوش الضواري الجياع على زريبة أغنام؟!


واستاق جنود الكتيبة الطاغية من بقي حيا إلى السيارات العسكرية الشاحنة تحت ضربات البنادق و التعذيب الوحشي الشنيع القذر الدنيء إلى سجن المزة من ملحقات دمشق الحالية .


و تم في الوقت نفسه تشكيل محكمة عسكرية تحكم بسرعة وتنفذ أحكامها دون مراجعة ولا استئناف، فحكمت بالقتل على فريق ممن استاقتهم إلى السجن، و أصدرت أحكام سجن على آخرين .


وقد تبين فيما بعد أن السلطة نفسها هي التي أوحت بهذا الاجتماع ودبرته، واشتركت بعض أجهزتها السرية بالدعوة إليه، ليكون بمثابة فخ تحصد فيه قادة المعارضة لها من علماء المسلمين، بتهمة قيامهم بثورة مسلحة، وأنهم سقطوا ضمن المقاومة، فلا مسؤولية على الدولة في مقتلهم؟! وتحققت فراسة الوالد الإمام عليه رحمة الله ورضوانه (أي: الشيخ حسن حبنكة) فقد كان الأمر كما قدر؟!


ويضيف الشيخ عبد الرحمن: كانت الاتصالات الهاتفية من الجامع الأموي تتوالى تستحثه للحضور هو ومن عنده من العلماء، و كان المستحث رجلا متعمما محسوبا على طلاب العلم، و هو في الحقيقة من مخابرات الدولة و أنجى الله قادة الدعوة يومئذ من المكيدة الدنيئة بعنايته وحفظه !


ولكنهم ظلوا يتعرضون للمضايقات والاستدعاء إلى المحاكمات المتعنتة الوقحة، وانقلب جو المحاكمة إلى محاكمة للنظام وأزلامه على تصرفاته..


وكان مما قاله الشيخ حسن حبنكة لهم: كم بريء قتلتم ظلما؟! وكم إنسان حكمتم عليه بالإعدام بغير حق؟!


بقلم: د. عبد الرحمن حبنكة الميداني

المصدر كتاب: الوالد الداعية المربي الشيخ حسن حبنكة الميداني (قصة عالم مجاهد حكيم شجاع)، لابنه د. عبد الرحمن الميداني.

تنويه:

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

مقالات ذات صلة

معارك حاسمة في رمضان 2 - معارك في رمضان
الأربعاء، 12 شوال 1430 هـ - 30 سبتمبر 2009معارك حاسمة في رمضان 2 - معارك في رمضان
أشرنا في التجديد السابق قبيل شهر رمضان ما حفل به هذا الشهر الكريم من بطولات ومعارك حاسمة ،...
قل كل يعمل على شاكلته - (جيش محمد صلى الله عليه وسلم في سمرقند)
الأربعاء، 12 شوال 1430 هـ - 30 سبتمبر 2009قل كل يعمل على شاكلته - (جيش محمد صلى الله عليه وسلم في سمرقند)
الحمد لله ثم الحمد لله و نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و نشهد أن سيدنا ونبينا ...
أسرى بدر ومدرسة التربية - كنتم خير أمة أخرجت للناس
الأربعاء، 12 شوال 1430 هـ - 30 سبتمبر 2009أسرى بدر ومدرسة التربية - كنتم خير أمة أخرجت للناس
الأسرى ومدرسة التربية        روى الإمام أحمد عن أنس(1)، واب...