مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 275)

مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 275)

التصنيف: واحة التفسير
الجمعة، 24 ذو الحجة 1446 هـ - 20 جوان 2025
539

﴿تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ﴾ [آل عمران: 27]


السؤال الأول:
ما اللمسة البيانية في استخدام فعل ﴿وَتُخْرِجُ﴾ كما في هذه الآية، وليس الصيغة الاسمية كما في آية سورة الأنعام رقم 95 ﴿وَمُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتِ مِنَ ٱلۡحَيِّۚ﴾ ؟


الجواب:
1ـ القاعدة النحوية: الاسمُ يدل على الثبوت، والفعلُ يدل على الحدوث والتجدد. وهذه الآية تدخل في هذه القاعدة.


2ـ في سورة الأنعام قال تعالى: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلۡحَبِّ وَٱلنَّوَىٰۖ يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَمُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتِ مِنَ ٱلۡحَيِّۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ﴾ [الأنعام:95] و ﴿فَالِقُ ٱلۡإِصۡبَاحِ وَجَعَلَ ٱلَّيۡلَ سَكَنٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ حُسۡبَانٗاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ﴾ [الأنعام:96] وأبرز صفات الحيّ الحركة والتجدد (من الحياة)، وقد قال تعالى مع الحيّ: ﴿يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ﴾ [الأنعام:95] فجاء بالصيغة الفعلية التي تدل على الحركة، ومن صفات الميّت السكون؛ لذا جاء بالصيغة الاسمية مع ما تقتضيه من السكون.


3ـ كلمة ﴿يُخۡرِجُ﴾ تأتي حسب سياق الآيات كما في سورة آل عمران ﴿تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ﴾ [آل عمران:27]؛ لأنّ سياق الآيات كلها في التغييرات والتبديلات والأحداث التي تتجدد ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [آل عمران:26] (إيتاء الملك ونزعه، تعز من تشاء وتذل من تشاء، تولج الليل وتولج النهار) كلها في التغيرات وليست في الثبات، وهذا ما يُعرف بمطابقة الكلام لمقتضى الحال.


السؤال الثاني:
ما دلالة هذه الآية؟


الجواب:
1 ـ ذكر الله في هذه الآية ثلاثة أمور من آثار قدرته وهي:
آ ـ قدرته الفائقة في تصريف هذا الكون فقال: ﴿تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ﴾ وهذا من خصائص الألوهية .
ب ـ أنه يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ : ﴿وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ﴾ .
ج ـ وأنه سبحانه يرزق من يشاء بغير حساب في الدنيا والآخرة : ﴿وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ .
سبحانه وتعالى.


السؤال الثالث:
ما دلالة رسم كلمة ﴿ٱلَّيۡلَ﴾ بحذف اللام، بينما كلمة﴿ٱلنَّهَارِ﴾ جاءت بصورتها المعتادة، كما في قوله تعالى: ﴿تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ﴾ ؟


الجواب:
كلمة﴿ٱلَّيۡلَ﴾ جاءت في القرآن الكريم كله بدون حرف (ل) وذلك في (74) موضعاً ، ووردت كلمة﴿ٱلنَّهَارِ﴾ في (54) موضعاً في القرآن كاملة بصورتها العادية .
ويوحي حذف حرف (اللام) من كلمة (الليل) بسرعةِ مُضيِّ وقتِ الليل على الإنسان ؛ حيث أنه في النوم غالباً ، وكذلك قلة حركته فيه ، على عكس النهار الذي جعله الله معاشاً مبصراً مليئاً بالعمل والنشاط . والله أعلم.


بقلم: مثنى محمد هبيان

تنويه:

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

مقالات ذات صلة

مختارات من تفسير "من روائع البيان في سور القرآن" (الحلقة 3)
الخميس، 6 شعبان 1440 هـ - 11 أفريل 2019مختارات من تفسير "من روائع البيان في سور القرآن" (الحلقة 3)
اللمسات البيانية في البسملة [بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] {الفاتحة:1} السؤال الأول...
مختارات من تفسير "من روائع البيان في سور القرآن" (الحلقة 2)
الأربعاء، 5 شعبان 1440 هـ - 10 أفريل 2019مختارات من تفسير "من روائع البيان في سور القرآن" (الحلقة 2)
  البسملة ومقاصد سورة القاتحة وأسماؤها وفضلها  القرآن الكريم منذ اللحظة التي نزل...
مختارات من تفسير "من روائع البيان في سور القرآن" (الحلقة 1)
الاثنين، 3 شعبان 1440 هـ - 8 أفريل 2019مختارات من تفسير "من روائع البيان في سور القرآن" (الحلقة 1)
  الاستعاذة قال الله تعالى : [خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَا...