قال تعالى:﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: 2].
سؤال:
لِمَ قُرئت (رُبَما) بتخفيف الباء؟
الجواب:
إن (ربما) قرئت بالتخفيف والتشديد وكلتا القراءتين سبعية متواترة.
أما الإجابة عن التخفيف والتشديد، فإن التخفيف قد يكون لتخفيف معنى الحرف، وإن التشديد آكد في معنى الحرف، وذلك نظير نون التوكيد الثقيلة والخفيفة، فإن الثقيلة آكد من الخفيفة، ونظير (إنَّ) الثقيلة والمخففة فإن الثقيلة آكد من المخففة، فـ (ربَّ) المثقلة آكد في معنى الحرف من المخففة فإن تكرار الباء لزيادة المعنى.
و (ربّ) تكون للتكثير كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا رُبَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة» وتكون للتقليل كقول الشاعر:
ألا ربّ مولود وليس له أب *** وذي ولد لم يلده أبوان
إن الرغبة في الدخول في الإسلام التي ذكرتها الآية تختلف بحسب المواطن والأشخاص، فقد تقوى في مواطن وتخفّ في مواطن، وقد تقوى عند أشخاص وتخف عند آخرين، فقد قيل: إن ذلك في الدنيا عندما رأوا الغلبة للمسلمين في بدر (1) أو غيرها.
وفي مثل هذا الموطن يتمنى قسم من الناس أن لو كانوا مسلمين ليحصلوا على غنائم، وتختلف هذه الرغبة باختلاف الأشخاص، فقد تكون قوية عند أشخاص، وقد تكون خفيفة عند آخرين.
وقيل: إن ذلك يكون في القيامة، ولا شك أن تلك الرغبة ستكون قوية جداً، وأنهم كانوا يتمنون أن لو كانوا مسلمين.
فالتمني في أن لو كانوا مسلمين يختلف قوة وشدّة بحسب المواطن، وبحسب الأشخاص، فقد يكون قوياً جداً في موطن ما، فذلك المعنى يحققه التشديد، وقد يكون أخف في موطن آخر فذلك ما يحققه التخفيف، فاقتضى ذلك القراءتين كلتيهما.
(1) انظر روح المعاني (14/4).
بقلم: د. فاضل السامرائي
جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين