( القسم الأول )
(قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار) [آل عمران: 41]
السؤال الأول:
ما الفرق التعبيري والبياني بين قصة (زكريا) عليه السلام في سورتي (مريم وآل عمران)، ولماذا جاء في إحداهما (ثلاث ليال) وفي الأخرى (ثلاثة أيام)؟
الجواب:
أولاً ـ الفرق التعبيري والبياني بين القصتين:
آ ـ استعراض الآيات:
آيات سورة آل عمران (38ـ41): قال تعالى:
﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ * قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [آل عمران: 38-39-40-41]
آيات سورة مريم (2ـ11): قال تعالى:
﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا * قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: 2-11]
ب ـ جدول المقابلة بين النصين:
لو نظرنا في سياق الآيات في كل من الموضعين لوجدنا أنّ المقابلة لم تختص بهذا الموطن فقط، وإنما هي ظاهرةٌ أيضاً في مواطن أخرى من النصين، وكأنهما لوحتان فنيتان متقابلتان، وإليك طرفاً من هذا التقابل:
| رقم الفرق | سورة آل عمران | سورة مريم |
| 1 | (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) [آل عمران: 41] |
(ثَلَاثَ لَيَالٍ) [مريم: 10] |
| 2 | (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ) [آل عمران: 40] |
(وكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) [مريم: 8] |
| 3 | (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) [آل عمران: 40] |
(وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) [مريم: 8] |
| 4 | (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) [آل عمران: 41] |
(أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم: 11] |
| 5 | (بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) [آل عمران: 41] |
(بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم: 11] |
| 6 | (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) [آل عمران: 41] |
(أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم: 11] |
ج ـ بيان الفروقات في الجدول:
ثانياً: الفرق رقم 2:
آـ قدّم مانعَ الذرية من جهة نفسه في سورة آل عمران وهو الكبر، على مانع زوجه وهو العُقر، في حين قدّم المانع من جهة زوجه في سورة مريم.
ب ـ وذكر في سورة آل عمران أنّ الكِبَرَ أدركه وبلغه، فالكِبِرُ فاعل كأنه يجري خلفه حتى أدركه وبلغه، في حين ذكر في سورة مريم أنه هو الذي بلغ الكِبَرَ فهو فاعل.
وكذلك ذكر في سورة آل عمران أنّ امرأته عاقر، بينما ذكر في سورة مريم أنّ امرأته كانت عاقراً بزيادة لفظ: (وَكَانَتِ) [مريم: 8]
ج ـ ومعنى: (وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا) [مريم: 8] معناه: كانت عاقراً ابتداء.
ومعنى: (وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ) [آل عمران: 40] فيها احتمالان: كانت عاقراً سابقاً، أو الآن هي عاقر وليس قبل.
- الفرقان رقم 4 و 5:
قدّم العشي على الإبكار في سورة آل عمران وعرّفهما، وقدّم البكرة على العشي في سورة مريم ونكّرهما.
- الفرق رقم6:
في سورة آل عمران طلب من زكريا الذكر والتسبيح، وفي سورة مريم طلب زكريا من قومه أن يُسبحوا، ولم يذكر أنه طُلِبَ منه ذاك.
ملحوظة : تتمة النقاط في الآية سنذكرها في الحلقة القادمة بإذن الله .
جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين


