
ـ أساتذتي في الدراسات الجامعية
أـ كلية الشريعة وأساتذتي فيها
1ـ الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي ـ رحمه الله تعالى ـ
الداعية الأستاذ مصطفى السباعي، لم يكن مجرد أستاذ، بل كان بالنسبة لي القائد، والمعلم، والمربي، والقدوة، والحبيب... تعود صلتي به إلى أوائل الخمسينات من القرن الماضي، في عهد أديب الشيشكلي، حين زار سورية سراً، قادماً من بيروت، وقد كان منفياً إليها، بعد أن أيس منه الشيشكلي حين عرض عليه مختلف المناصب، فرفضها السباعي من حيث المبدأ، إذ لا يمكن له، وهو الذي قَبِل النظام الحر البرلماني الدستوري الديموقراطي، لا يمكن أن يكون عوناً لانقلابي، أو عسكري، أو ديكتاتور... في لبنان أسَّس فرعاً للجماعة في بيروت، وكان يوصف بالمراقب العام للإخوان المسلمين في سورية ولبنان...
في أمسية من أماسي حلب، وفي حي من أحيائها القديمة، وبشكل سري، دُعينا للقاء ـ لكنَّنا لم نعرف مَن سنلتقي ـ ! وفي موعد هذا اللقاء حضر السباعي، وهذه أول مرة أراه في حياتي، وسمعت منه بأسلوبه الخطابي المشهور والمؤثر، قصة العز بن عبد السلام، وكيف كان يمثل عزة العلماء، وعظمة الحق، وجرأة الدعاة، وقصة اليقين، وقوة الشخصية و...
ولقائي الثاني به؛ كان سنة /1954/ في مخيم الإخوان في حمص.
وحين انتسبت إلى كلية الشريعة عام/1955/ كان الأستاذ الدكتور السباعي عميداً لكلية الشريعة، وكان الانتساب إلى كلية الشريعة يقتضي اختباراً تحريرياً وشفوياً، ونجحت في الاختبارين بحمد الله تعالى، ولكن الأستاذ السباعي ـ وخوفاً أن تتسرب عناصر سيئة إلى كلية الشريعة ـ فقد كان يتم السؤال عن الطلاب مسبَقاً على مستوى جميع المحافظات، يزكيهم أهل العلم وأهل الدعوة.
في كلية الشريعة درَّسنا الأستاذ السباعي في الكلية مادتين: هما مادة الفقه ومادة فقه السيرة النبوية، وفي كلية الحقوق درَّسنا كتابه: شرح قانون الأحوال الشخصية... وأروع ما في محاضراته أنه كان يجمع بين العلم والدعوة، والروح والنكتة، ويعلق على طرائفه بأنها حمصية، ومما أذكره من هذه الطرائف ـ رحمه الله تعالى ـ أنه كان يحدِّثنا عن حزب الفول الذي أسَّسه في مصر مع الشيخ محمد الحامد، ـ رحمه الله تعالى ـ وبين الشيخين الجليلين سجالات، ورسائل، وأشعار، وذكريات في هذا الشأن... وذات مرة حكى لنا الأستاذ السباعي: أن الشيخ الحامد ـ رحمه الله تعالى ـ كان يُحْضِر صحن الفول، أو الطعمية من عند الفوال، وحين يفرغ الشيخ من أكله، كان يعيده إلى الفوال، وكأنه مغسول، فيخجل الفوال، ويعتذر إلى الشيخ، ويرجوه أن لا يفعل ذلك ثانية، لكن الفوَّال لم يدر أن الشيخ لم يغسله، وإنما كان يلعقه بأصبعه، آخذاً بالسنة، فيبدو مغسولاً نظيفاً.
وفي السنة الرابعة من كلية الشريعة سنة تخرجي عام /1959/، كان واجباً على الطالب أن يقدم بحثاً جامعياً، واخترت أن أكتب في موضوع كان يهمني ـ ولا يزال ـ، هو «عوامل الاستقرار في الحياة الإسلامية»( )، ذلك أنني كنت ـ وفي كل مراحل دراستي، بل وفي كل ما تلقيته في تكوين ثقافتي الشرعيَّة ـ كنت ألمس منهج الإسلام الفريد في تحقيق التكامل والتوازن والوسطية، وحول هذه الموضوعات الثلاثة دار بحث التخرج، وكان تحت إشراف أستاذنا الدكتور السباعي الذي شرَّفني بموافقته على الإشراف أولاً، وتزكيته للبحث ثانياً.
ثم لما كتبت بحثاً جامعياً آخر للتخرج من الدبلوم العامة في كلية التربية، وعنوانه «القضاء والقدر في ثوب جديد»، وكان تحت إشراف عميد كلية التربية د. جميل صليبا، ـ صليبي يساري ـ أطلعت عليه أستاذنا السباعي، فوافقني عليه، لكنه سألني: أخ فاروق! هل تعتقد أن الإنسان الغربي قد بَلَغَتُه الرسالة، وقامت عليه الحجة، والإسلام يتعرض لحملة تشويه وافتراء، وكذب من المستشرقين ووسائل الإعلام، وما يعرضه السائحون من صور مقززة للمجتمعات الإسلامية، تحكي التخلف والقذارة، والجهل والعنف...؟؟ هذا السؤال كان جديراً ـ بحق ـ بالتفكير فيه والإجابة عليه آنذاك، لكن ـ بحمد الله تعالى ـ وقد امتدت آثار الصحوة الإسلامية إلى بلاد الغرب، وانتشرت المساجد والمدارس والجمعيات واتحادات المنظمات الإسلامية، مما أدَّى إلى تغير الوضع السابق كلياً، وأضحينا نرى في المجتمع الغربي نماذج من الدعاة والمحاضرين والعاملين والقيادات، يعطون الصورة المثلى للإسلام وقيمه ومبادئه...وكانت النتيجة المباركة اعتناق الأوروبين للإسلام بأعداد كبيرة، مما أخاف الدوائر الصليبية والدوائر السياسية الاستعمارية.
وفضلاً عن ذكرياتي كتلميذ محب للشيخ الجليل والمربي الحبيب، فقد كانت لي ذكريات كثيرة مع الشيخ خارج حرم الجامعة، منها:
1ـ في سنة /1956/ تعرضت سورية لتهديد من تركيا بالغزو العسكري بسبب عدم دخول سورية في حلف بغداد، وبدأ حفر الخنادق، وتوزيع السلاح على الشعب، وإقامة مخيمات التدريب، فكان عميد كلية الشريعة الدكتور مصطفى السباعي، على رأس طلابه في التدريب على السلاح، وكنت واحداً من هؤلاء الطلاب، نتدرب على استعمال السلاح(1)، جنباً إلى جنب مع شيخنا وأستاذنا وقائدنا الدكتور مصطفى السباعي ـ رحمه الله تعالى ـ.
2ـ لما عاد السباعي من رحلته للاتحاد السوفيتي، ضمن وفد جامعي من الأساتذة، طاف على المحافظات السورية، يتحدث عن رحلته ومشاهداته وحواراته مع أئمة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي، وكان موعد محافظة إدلب، فذهبت والأخ الكبير الأستاذ عادل كنعان، والأخ المحامي الأستاذ عبد الرحمن قره حمود، نُسلِّم على الشيخ القائد في مدينة أريحا القريبة من إدلب، وتناولنا معه طعام الغداء في مقهى جبل أريحا المشهور، وحين غادرنا أريحا بمعيته متجهين إلى إدلب، استضافنا أستاذنا الشيخ أبو الخير زين العابدين في كَرْم الضبيط الذي كان ينزل فيه كل صيف،ولا زلت أذكر كلمات السباعي يعبر عن تمتعه بالهواء النقي في مدينة إدلب بوجود أشجار الزيتون، ويقول ـ رحمه الله تعالى ـ: لولا أن مكان عملي في دمشق، ولو أن إقامتي كانت حرة، لَما اخترت مكاناً للإقامة إلا في مدينة إدلب، لِما تتمتع به من جمال، وهواء نقي، وطبيعة خلابة.
3ـ زرته في منزله بالمهاجرين، وقد كان مشلولاً شللاً نصفياً، فأبى إلا أن يضيفني القهوة بنفسه ـ رغم وجود شغالة في منزله ـ فخجلت منه، وقمت لاستلام الضيافة، لكنه أبى بتواضعه إلا أن يكرمني بتقديم الضيافة بنفسه، قلت في نفسي: سبحان الله!! أستاذ عظيم، وقائد كبير في مستوى الأستاذ السباعي يفعل هذا!! وأخ فقير تزوج امرأة غنية، عندهما شغالة، زرته، فجلس، وجاءت الشغالة تقدم لي الضيافة، حقاً لقد كان هؤلاء الرواد السباعي والأميري والمبارك والمطوع(2) يُعلِّمون بِحالِهم(3) قبل قالِهِم.وهي شهادة مني بعلم ويقين، وليس بالسماع.
وفي هذه الزيارة بالذات، قلت للأستاذ السباعي معبراً عن ألمي لوضعه الصحي، فقال ـ يرحمه الله ـ: إني لأحمد الله يا أخ فاروق على ما أنا عليه، حرمني الله أشياء، وعوَّضني عنها أشياء أخرى، لقد كنت محروماً من لقاء أولادي والتمتع برؤيتهم، فكنت قلَّ أن آتي البيت قبل الساعة الثالثة فجراً، أستيقظ، وقد ذهبوا إلى المدارس، وفي النهار تشغلنا المحاضرات والدعوات واللقاءات والاجتماعات... أنا يا أخ فاروق وبسبب مرضي، أتمتع اليوم بسماع كلمة بابا، وحين رآني أولادي أستمع للراديو، استغربوا وقالوا: بابا يسمع الراديو عجيب!!؟.
4ـ حين شغر مقعد في البرلمان السوري سنة /1957/ توجهت الأنظار إلى السباعي ليترشح للانتخابات، وملء هذا المقعد، وسألته أمام مدخل كلية الشريعة؟: أستاذنا الكريم: هل صحيح ما سمعناه من خبر عن ترشحكم للانتخابات؟ قال: (مستحيل يا أخ فاروق! هل تصدق أن أترشح لدورة تكميلية، ولمدة سنة، في الوقت الذي رفضت الترشيح حين جرت الانتخابات السابقة ولفترة كاملة؟! ثم هل يُعقَل أن أترشح أمام مرشح صغير اسمه رياض المالكي، عضو صغير في حزب البعث!! هل من المناسب أن أترشح أمامه، وأنا مسؤول عن جماعة، ومراقب عام لها؟!
لكنَّ حزب الشعب أراد أن يخوض المعركة إثباتاً لوجوده، فضغط على العلماء والفعاليات الشعبية، وشكلوا وفوداً للضغط على السباعي ليترشح للانتخابات، وحجتهم أن هذه الانتخابات تمثل وجه البلد ووجه الإسلام، في مواجهة التجمع العلماني والشيوعي والبعثي، إلى جانب الجيش الذي كانت تسيطر عليه القوى اليسارية، إضافة إلى بعض المشايخ الموالين للسلطة، وعلى رأسهم المفتي العام للجمهورية الشيخ أحمد كفتارو
وما زالت الوفود الإسلامية والشعبية تتقاطر وتضغط على السباعي، حتى اضطر إلى موافقتهم خلاف قناعته، بل خلاف قرارات مؤسسات الجماعة التي كان يرأسها ـ كما سمعت ـ وكان أن تقدَّم بطلب الترشيح إلى وزارة الداخلية في المرجة، قبل ربع ساعة من موعد إقفال باب الترشيح!! وكانت الكارثة... وكان السقوط المريع في الانتخابات... وكان مرض الشيخ وشلله.. وكانت خسارة الأمة بفقد قائد فذ من قادتها، ورمز من رموزها، وعَلَم من أعلامها الكبار... وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إنها أقدار الله ولا شك، ولا رادَّ لأمره، ولا معقِّب لحكمه، ولكن قد جعل الله لكل شيء سبباً...
5 ـ تُوفي الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ عام /1964/ وكنت في دمشق أقدم اختبارات بعض المواد في كلية الحقوق... حضرت تشييع جنازته، وقد تقاطرت الوفود من كل المحافظات والبلاد العربية.
جنازة لم أر مثلها في حياتي من حيث الأعداد الغفيرة، تمشي على أقدامها من منزله الكائن في شارع أبي رمانه، قرب السفارة السعودية إلى الجامع الأموي للصلاة عليه، ثم إلى المقبرة في حي باب المُصلَّى، يتقدمه العلماء ورجال الدعوة وقادة الأحزاب، باستثناء رجال السلطة، علماً أن الأستاذ محمد المبارك اتصل برئيس الوزراء صلاح البيطار من أجل إذاعة خبر وفاة الدكتور السباعي من إذاعة دمشق، فرفض... عِلماً أن صلاح البيطار من قادة حزب البعث المدنيين المثقفين، ومِن حي الميدان ـ في دمشق ـ ومن عائلة مشهورة متديِّنة!! ومع ذلك رفض اقتراح الأستاذ المبارك بلؤم، وهو من أعرف الناس بمكانة الأستاذ السباعي في سورية، ومكانته في العالمَين العربي والإسلامي إسلامياً وعلمياً وجهادياً واجتماعياً وسياسياً، فهو قائد دعوة، وعميد مؤسس لكلية الشريعة، وأستاذ في كلية الحقوق، ونائب رئيس مجلس النواب، ومراقب عام لجماعة الإخوان المسلمين، وعَلَم من أعلام الفكر الإسلامي، وقائد من قادة الجهاد في فلسطين...!! رغم كل خصائص هذه الشخصية الفذة، ورغم مكانته المميزة، فقد استكثر رجال البعث، وسلطة البعث، الإعلان عن وفاة هذا العَلَم الكبير والعالم الجليل، بل إنهم منعوا بعض الشخصيات القادمة من الخارج للمشاركة في تشييع الجنازة، وتقديم العزاء، منعوهم من ذلك، وعلى رأسهم الأستاذان عمر بهاء الدين الأميري ـ رحمه الله تعالى ـ والأستاذ عصام عطار المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية خليفة السباعي في قيادة الجماعة.
وعند المقبرة... قيلت كلمات كثيرة في التأبين والعزاء، وأصدق وصف قيل ذلك اليوم، هو ما قاله الأخ الدكتور حسن هويدي: (لقد كانت روح السباعي أكبر من جسمه، فما تحمَّل الجسم اندفاع روحه وتوثبها وطموحها فتمزق الجسم...) ومَن خالط السباعي، ورافقه، يدرك صدق هذه الكلمة، ودقة هذا الوصف.
6ـ قال لي الأخ د.عبد اللطيف الصباغ، أو لعلي أنا الذي قلت له: تعال نُصَلِّ الجمعة عند الشيخ أحمد كفتارو، ونحضر خطبة الجمعة عنده، لنسمع موعظته بعدها، وماذا عساه أن يقول بعد وفاة الأستاذ السباعي وفعلاً ذهبنا إلى مسجده في حي ركن الدين... بعد خطبة الجمعة جلس الشيخ للدرس، وعشرات المئات أمامه فقال: في هذا الأسبوع توفي عالم كبير، وداعية عظيم، هو الأستاذ السباعي ـ رحمه الله تعالى ـ وجزاه الله عن الإسلام كل خير، ووفاته خسارة للمسلمين جميعاً، كنتُ أتمنى أن أشارك في تشييع جنازته، ولكني أعلم أن الإخوان المسلمين لا يريدون أن يروني في موكب الجنازة، أتعرفون لماذا؟ الإخوان المسلمون ينتقدونني؛ أنني أدخل على البعثيين والشيوعيين، وفعلاً أنا أدخل عليهم، وأزورهم، أتدرون لماذا؟ الجواب... أنا خليفة رسول الله ^، ألم يكن رسول الله ^ يزور قريشاً في ناديها ليدعوها للإسلام، أنا أزورهم من أجل ذلك، وحين أقول: إنني خليفة رسول الله ^ فذلك بأمره، جاء إليَّ، وقال: أنت خليفتي يا شيخ أحمد!! ليس ذلك في المنام، لأن شيخكم لا يتحدث عن منامات، وإنما جاء إليَّ في هذا المكان عياناً ووجاهة، وأمرني بذلك، فكيف لا أفعل ما كان يفعله رسول الله ^ ؟.
7ـ ولقد بكيت الأستاذ السباعي ما لم أبك أحداً مثله، بكيت فيه القائد، بكيت فيه العالم العامل، بكيت فيه الداعية المجدد، بكيت فيه المجاهد الرائد، بكيت فيه الخطيب المفوه، بكيت فيه الرجل الذي رحل في أوج عطائه، في قمة معاناته، سبع سنوات من الشلل النصفي والآلام المبرحة سبقت وفاته، فكانت قمة العطاء، وألَّف فيها أهم كتبه، وتابع محاضراته في كليتي الشريعة والحقوق، كما تابع محاضراته العامَّة خارج قاعات الدراسة، وخارج أوقات الدوام، كان يتكئ على كتفي أحياناً، حين كان ينتقل من مبنى إدارة الكلية إلى قاعة المحاضرة في مكتبة الجامعة الرئيسية ـ رحمه الله تعالى ـ فقد كان من أصحاب الهمم والعزائم.
8ـ منذ أن توفي، وانتقل إلى رحمته سبحانه، كنت أتطلع إلى مَن يكتب ترجمة حياته الحافلة، فكنت أرجو مَنْ كان قريباً من الأستاذ السباعي مخالِطاً له، معايشاً إياه، ويملك القلم المعبر، أن يكتب كتاباً عن السباعي، لتعرف الأجيال عطاء هذا الرجل، وما قدمه للدعوة وللحركة العلمية، وللأمة والوطن.
وسعدت بما أصدره الأستاذ أدهم جرار، والأستاذ محمد الحسناوي، والأستاذ فتحي يكن، والأستاذ محمد المجذوب، والأستاذ عبد الله الطنطاوي، وكانت قمة سعادتي حين صدر كتاب الأخ د.عدنان زرزور الذي كتب تاريخ الحركة الإسلامية، وتاريخ سورية من خلال الترجمة لمصطفى السباعي، وعسى أن أسعد أكثر بصدور كتاب الأخ د. عادل الهاشمي(4)، وأنا أتابع صدور هذا الكتاب منذ خمس عشرة سنة ـ على الأقل ـ والأمل أن يصدر قريباً بإذن الله(5).
وقد كنتُ وجهت له خطاباً بتأريخ 15/2/1412هذا نصه:
«أستاذنا الكريم أبا النضر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمته وبركاته، وبعد:
«فقد عرفتك وعرفك إخوانك، مرافقاً لشيخنا السباعي، محباً له، قريباً منه، خبيراً بأخلاقه وسجاياه، مطلِعاً على كثير من أحواله وصفاته، معاصِراً لمرحلة هامة من حياته، متابِعاً لمحاضراته ونشاطاته، متذوِقاً لأدبه وشعره، ملتزِماً بفكره ونهجه، إضافة لما أودع الله قلبيكما من حب متبادل».
«وأظنك أيها الأخ العزيز تشاركنا الرأي أن ثمة واجباً تجاهه، قد قصَّرنا فيه، بل طال بنا التقصير، حتى نسيه المعاصرون، وجهِلَتْه الأجيال، وتجاوَزَتْه الأقلام، وأحسب أنها مسؤولية ثقيلة نحملها في أعناقنا ـ نحن تلامذته ـ ، وخاصة أولئك الذين أتيح لهم أن يكونوا قريبين منه، أحباء إليه، أصفياء عنده، مِن أمثال الأخ العزيز أبي النضر، فقد حضرتَ وغِبْنا، وعلمتَ وجهلنا، اقتربتَ وابتعدنا، وسمعتَ وما بلغنا... مِن أجل ذلك أرى وإخواني، أنه واجب قد تعيَّن في حقك، خاصَّة وأنت الرائد المتخصص في الأدب الإسلامي، ونحن معك فيما تطلبه منا.».
يتبع في الحلقة الثالثة عشرة، ونكمل فيها الحديث عن الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي ـ رحمه الله تعالى ـ
(1) لا زال كما كتبته عام /1959/ مطبوع على الآلة الكاتبة، لم أتمكن بعد من مراجعته، ويرجوني بعض الإخوة الكرام أن أراجعه وأقدمه للمطبعة، لكن أين الوقت؟!
(2) طبعاً قبل أن يقدر الله عليَّ حادث السيارة في حمص.
(3) هو العم الحبيب أبو بدر مطوع رائد العمل الإسلامي والخيري والإعلامي في الكويت وعلى مستوى العالم.
(4) إشارة إلى قولهم: ( حال رجل في ألف رجل خير من قال ألف رجل في رجل).
(5) كان قريباً من الأستاذ السباعي، مساعداً له، ويعمل بين يديه، ثم هو أحد رواد الأدب الإسلامي الأوائل.
(6) صدر بحمد الله تعالى أوائل عام 1430ـ2009 وقد أشار الأخ المؤلف ـ حفظه الله تعالى ـ إلى متابعتي وتزويده بالمراجع والمصادر والوثائق ، قال في المقدمة ص 11: ( وأخص بالشكر الأستاذ محمد فاروق البطل بوصفه الحافز على إصدار هذا الكتاب والمعين على إخراجه بالكتب والوثائق والآراء).
جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين