الأستاذ الداعية المربي المجاهد محمد فاروق بطل.. صفحات من ذكرياته (22)

الأستاذ الداعية المربي المجاهد محمد فاروق بطل.. صفحات من ذكرياته (22)

التصنيف: علماء دعاة مربون
الجمعة، 9 شعبان 1446 هـ - 7 فيفري 2025
141
محمد فاروق بطل...
محمد فاروق بطل...
الميلاد :1936 - 05 - 13- الوفاة :2024 - 07 - 24

تتمة الحديث عن .. أساتذتي في الدراسات الجامعية


د ـ كلية الحقوق ـ جامعة دمشق وأساتذتي فيها ـ/ 1962ـ1964/
لماذا دخلت هذه الكلية وأنا أمارس مهنة التدريس وغير متفرغ؟
الجواب على هذا السؤال هو الذي يبيِّن السبب الثاني في تركي لدراسة قسم الفلسفة والاجتماع، رغم قبولي في السنة الثانية، بل رغم أن هذه الدراسة كانت بمشورة أستاذي الحبيب الدكتور السباعي ـ رحمه الله تعالى ـ.
الجواب: إنني وقد شرفني الله بالانتماء إلى التيار الإسلامي، والانتساب إلى جماعة الإخوان المسلمين، والمعركة كانت على أشدها بين التيار الإسلامي ـ من جهة ـ والتيار القومي اليساري البعثي مدعوماً من قبل الجيش والأجهزة الأمنية والدول العلمانية ـ من جهة ثانية ـ وبالتالي فقد وَضَعتُ في حسابي، أنه قد يقدِّر الله لي محنة على يد هؤلاء الظلمة العلمانيين من سجن أو تسريح من الوظيفة، أو تشريد.. ـ والمحنة والابتلاء قَدَر الله الثابت على الدعاة، بل وعلى كل مسلم ـ: [أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ] {العنكبوت:2}.وكل ما حسبته وتوقعته ـ قد وقع ـ والحمد لله على كل حال، والذي لا يحمد على مكروه سواه(1) ـ.
وإذن فقد كان هدف دراسة الحقوق هو مواجهة الاحتمالات، بما تيسِّره هذه الدراسة من عمل حر في المحاماة، أو في الاستشارات القانونية، أو في الأعمال الإدارية، وهكذا أكون حراً في اكتساب أسباب المعيشة، ولا أكون أسير الوظيفة أو عبد الدولة، وبذلك أيضاً لا أساوم على ديني أو عقيدتي أو دعوتي، أو جماعتي، وأحمده سبحانه وتعالى إذ حقق لي كل ذلك بفضله ومنِّه.


5 ــ أساتذتي في كلية الحقوق:
إذا كان أساتذتي في كلية التربية قد شغل معظمهم حقيبة وزارة التربية، وفي عهد حزب البعث بعد ثورة الثامن من آذار سنة /1963/م، فإن اساتذتي في كلية الحقوق، شغلوا مختلف المناصب الرئاسية، والحقائب الوزارية في العهود الديمقراطية التي مرت بسورية في الخمسينات وأوائل الستينات، وهم:
1ـ الأستاذ الدكتور مأمون الكزبري:
أستاذ القانون العقاري، وله كتاب شيق في هذا الاختصاص، شغل منصب رئاسة الدولة أوائل عهد الانفصال، خاصة أن قريبه الضابط حيدر الكزبري كان أحد كبار ضباط انقلاب الانفصال.
وشغل رئاسة البرلمان السوري، وبعض الوزارات، ثم انتهى به الأمر منفياً في المغرب بعد انقلاب الثامن من آذار. وأظنه قد توفي فيها.
2ـ الأستاذ الدكتور معروف الدواليبي:
أستاذ مادة أصول الفقه والقانون الروماني، شغل منصبي رئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء، وبعض الوزارات كوزارة الدفاع ووزارة الاقتصاد، ووزارة الخارجية، سبق الحديث عنه تفصيلاً(2).
3ـ الأستاذ العلامة الشيخ مصطفى الزرقا:
أستاذ القانون المدني، والمدخل الفقهي العام، شغل منصب وزارة العدل والأوقاف أكثر من مرة، سبق الحديث عنه تفصيلاً.
4ـ الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي:
أستاذ مادة الأحوال الشخصية، سبق الحديث عنه تفصيلاً.
5ـ الأستاذ الدكتور أحمد السمان:
أستاذ مادة الاقتصاد، وعميد كلية الحقوق، ورئيس جامعة دمشق، ووزير الاقتصاد.وكنا نكاد لا نفهم شيئاً من كتابه المترجم في الاقتصاد الدولي، وإذا سُئل قال: احفظوا ما ورد في الكتاب، ولا أزيدكم فهماً ـ كما حُكي لي ـ.
6ـ الأستاذ الدكتور محمد الفاضل:
أستاذ القانون الجزائي، شغل منصب وزير العدل، وكان كتابه في هذه المادة التخصصية من أروع ما قرأت في موضوعه، بل ويشهد لروعة كلمته التي ألقاها في حفل تأبين الدكتور السباعي، كل مَن سمعها، وكل مَن قرأها، روعة في البيان، وقوة في الأفكار، وجمالاً في الأسلوب، وإحاطة وافية بمزايا شخصية السباعي، رغم ما كان بين الرجلين من اختلاف في النهج والانتماء، ولكنه إنصاف الرجال...
7ـ الأستاذ الدكتور عبد الوهاب حومد:
أستاذ القانون الجزائي أو لعل لمادته اسم آخر لم أعد أتذكره، كان من قيادات حزب الشعب وشغل مناصب وزارية أكثر من مرة.
8ـ الأستاذ الدكتور فؤاد شباط:
أستاذ القانون الدولي.وشغل منصب عمادة كلية الحقوق.له كتاب جميل في هذه المادة.
9ـ الدكتور رزق الله أنطاكي:
أستاذ مادتي أصول المحاكمات والقانون التجاري البري، كان من زعماء حزب الشعب، وشغل مناصب وزارية عدة، وقلَّ من كان ينجح في امتحان مادتيه، وبحمد الله تعالى نجحت من أول امتحان في مادتيه تحريرياً وشفهياً، لكنه كان مرهوباً من قبل طلاب الحقوق. وأشهد أنني سمعت منه في المحاضرة شهادته التالية ـ وقد كان مسيحياً متعصباً ـ يقول: من العجيب أن المرأة المسلمة نالت حقوقها التجارية والقانونية والاعتبارية قبل أربعة عشر قرناً، في الوقت الذي لم تظفر أختها الأوروبية ببعض هذه الحقوق إلا في عام /1940/في فرنسا، ذلك أن الإسلام اعترف للمرأة العربية المسلمة بحق التملك، وحق التصرف، وأهلية الأداء، وأهلية الوجوب، وأهلية التقاضي وبكامل حقوقها التجارية... هذا ما بقي في ذاكرتي، أرجو أن أكون ما أديتُه دقيقاً ويمكن الرجوع إلى كتابه: «الحقوق التجارية البرية» وأظن أن القاضي الكبير والأديب المتميز الشيخ علي الطنطاوي قد كتب ذلك.
10ـ الأستاذ الدكتور رشيد دقر:
أستاذ المالية، وشغل منصب وزارة المالية. وله كتاب في هذه المادة.
11ـ الأستاذ الدكتور فؤاد دهمان.
أستاذ القانون الدستوري، له كتاب في هذه المادة
12ـ الأستاذ الدكتور نهاد السباعي:
أستاذ مادة الحقوق التجارية البحرية.له كتاب في هذه المادة.
وبعد: فقد أمضيت ثلاث سنوات في كلية الحقوق، ومدة الدراسة فيها أربع سنوات، لكني وبسبب أنني أحمل شهادة الإجازة في الشريعة، فقد أُعفيت من السنة الأولى، ومن كافة المواد الشرعيَّة المقررة في كلية الحقوق، والتي سَبق أن درستها في كلية الشريعة.
تخرجت ـ بحمد الله تعالى ـ من كلية الحقوق سنة /1964/م، وحصلت على شهادة الليسانس بدرجة جيد.رغم أنني كنت غير متفرغ، وأمارس التدريس في ثانويات حلب.

هـ ـ كلية الحقوق جامعة القاهرة /1965/
كان الأخ هشام مارتيني يدرس في هذه الجامعة، ويُحضِّر ماجستير في علم المالية، فأرسلت معه أوراقي لتسجيلي في كلية الحقوق ـ قسم الماجستير ـ وقد فعل مشكوراً وسجلني، وحمل لي بعض الكتب المقررة، وبدأت الدراسة فيها، لكنني لم أتابع بسبب منعي من دخول مصر، أيام حكم جمال عبد الناصر، وذلك منذ سنة 1961، حين دُعِيتَ للمشاركة في مؤتمر نقابة المعلمين المنعقد في القاهرة أيام الوحدة، إذ كانت المخابرات المصرية تعتقد أنني أحد مسؤولي الإخوان المسلمين في دمشق إلى جانب الأستاذ عصام عطار، والأستاذ زهير شاويش، علماً أنني لم أكن سوى طالب جامعي وموظف إداري في مركز الإخوان في دمشق، أنهض بالمهمات الإدارية والخدماتية حين كنت طالباً في كلية الشريعة.
ولنفس السبب لم أتابع الدراسات العليا في جامعة الأزهر، أضف إلى ذلك سبباً آخر، هو ما كنت أسمعه من الأخ الدكتور محمد رواس قلعه جي وغيره، عن الهدايا والرشاوى التي تقدم هنا وهناك، للحصول على الشهادات العليا، ماجستير ودكتوراه، فأنِفَتْ نفسي أن أسلك هذا السبيل، ولو كان المؤدَّى هو الحصول على شهادة الماجستير أو شهادة الدكتوراه، قد أكون مخطئاً فيما قلت، لكن تلك هي كانت مشاعري التي حالت بيني وبين التسجيل في هذه الجامعة العريقة، وهذه ذكريات لابدَّ أن تدوَّن بكل شفافية وصدق وأمانة.
طبعاً كان هناك سبب ثالث لعدم متابعتي الدراسات العليا في مصر أو في غيرها، هو الأعباء الدعوية والمسؤوليات الإخوانية التي كنت أؤديها، والعمل الوظيفي المعيشي الذي كنت أنهض به، ثم المواجهات السياسية والسجون... كل ذلك حال بيني وبين متابعة الدراسات العليا، والحمد لله على كل حال.


د ـ كلية الآداب ـ قسم اللغة العربية ـ جامعة حلب/1965/ م:
كان الأستاذ محمد إمام وكيل الجامعة، وزميلي في ثانوية المعرفة(مدرسة خاصَّة) مدرساً لمادة الكيمياء، وزوج السيدة يمن الأعسر مديرة ثانوية معاوية التي كنت أدرس فيها، حاولتُ عن طريقه التسجيل في كلية الآداب ـ قسم اللغة العربية ـ لكنه اعتذر، ورفض الطلب، بحجة واهية هي: أن أفسح المجال لغيري من الطلبة، ولكوني أحمل شهادات جامعية عدة، وكانت رغبتي في الانتساب إلى قسم اللغة العربية أن أخدم اختصاصي في الشريعة، ولكن لم يشأ الله لي ذلك، والحمد لله على كل حال.


ق ـ الجامعة الإسلامية في بهاولبور ـ باكستان /1987/:
كان قد سبقني للدراسة في الجامعات الباكستانية كثير من الإخوة كالأخ الدكتور عدنان سعيد، والأخ الشيخ الدكتور عبد الله علوان، أقنعني الدكتور(أبو بدر) بذلك، وسجلت في قسم الماجستير في هذه الجامعة، وأنا أستاذ في جامعة الملك عبد العزيز، أخذت إجازة من عميد الكلية ورئيس القسم، ولمدة شهرين تقريباً، وتولى تدريس موادي في الجامعة: الأخوان الدكتور عبد اللطيف الشيرازي الصباغ، والعلامة الشيخ عبد الله بن بية ـ حفظهما الله تعالى ـ وحصلت ـ بحمد الله تعالى ـ على شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية، لكن دون أن أفيد منها أي شيء، ودون أن أتمكن من تعديل وضعي ومرتبتي في الجامعة، إذ بقيتُ محاضراً منذ أن عُيِنت، ثم فُتِحت أبواب الجامعات السودانية، لمتابعة الدراسات العليا والحصول على شهادة الدكتوراه، ولكن أعباء العمل الدعوي حالت دون ذلك، والحمد لله، ثم إنه الشعور بعدم الإفادة من الحصول على أي شهادة في تعديل وضعي الأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، وأمامي شواهد كثيرة الأخ د. عبد الله علوان، والأخ الدكتور خلدون الأحدب، والأخ الدكتور حامد الرفاعي، وغيرهم لم يستفيدوا شيئاً، وبقي وضعهما الأكاديمي كما هو، منذ أن وقعوا عقودهم مع الجامعة التي تفترض التفرغ للحصول على أي شهادة عليا،، إذ كيف تحصل على شهادة عليا وأنت على رأس عملك مدرساً في الجامعة؟ وهو منطق له ما يبرره.

يتبع في الحلقة الثالثة والعشرين، ونتحدث فيها عن خاتمة فصل مسيرتي التعليمية


(1) سأتحدث عن المحن والابتلاءات التي أكرمني الله بها في فصل قادم.
(2) لكونهم كانوا أساتذتي كذلك في كلية الشريعة.


تنويه:

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين