المسيرة الدعوية للشيخ محمد علي مشعل (5)

المسيرة الدعوية للشيخ محمد علي مشعل (5)

التصنيف: علماء فقهاء
الاثنين، 19 ربيع الآخر 1446 هـ - 21 أكتوبر 2024
198
محمد علي مشعل...
محمد علي مشعل...
الميلاد :1924- الوفاة :2016 - 07 - 20

وراثة ومتابعة
القسم الثاني: المتابعة


٤. النشاط السياسي
جاء زمن الوحدة بين مصر وسورية عام ١٩٥٨م، ووضع جمال عبد الناصر يده في يد رئيس رابطة العلماء بدمشق السيد مكي الكتاني رحمه الله وقال: إني أعاهد الله على تطبيق الإسلام. وأرسل عبد الناصر إلى سورية محمود رياض سفيرا يبرهن للشيخ مصطفى السباعي أن لا علاقة لعبد الناصر بإعدامات عام ١٩٥٤م وأنها من عمل رئيس محكمة الثورة جمال سالم. واقتنع العموم بالوحدة.


وبناء على رأي العلماء وباسم جمعية العلماء في حمص، دخل الشيخ محمد علي مشعل في انتخابات الاتحاد القومي وعيّن في لجنة المنطقة، وذهب إلى مصر، وعيّن في لجنة التوجيه القومي، وكانوا واحدا وستين عضوا نصفهم من حملة الشريعة وأهل التدين. وهناك تفاجأ بإعلان وزير الدولة عبد القادر الحاتم عقائد الجمهورية العربية المتحدة بحضور الرئيس جمال عبد الناصر: "ديمقراطية تعاونية اشتراكية"، وأصبح كل واحد يقول لإخوانه: "لولا الإسلام ما جئنا". وقدم الشيخ تقريرا لمقرر اللجنة محمد سعيد العريان يستنكر فيه هذه العقيدة، وأن عقيدتنا الإسلام. وكان الشيخ جرئيا في الوقوف مع الحق، ومن ذلك أنه عندما طالب نائب دمشق الشيخ محمد فؤاد شميس بضمّ بعض علماء الشريعة والتربية إلى لجنة مشروع إدخال التلفاز لمصر وسورية وردَّه جمال عبد الناصر ثم ناقشه حتى نهض عبد الناصر غاضبا.. انفض عن الشيخ شميس كل من حوله إلا الشيخ محمد علي مشعل رحمهما الله تعالى.



وبرغم ما سبق وصدور القوانين الهدامة: قانون الإصلاح الزراعي وقانون التأميم، كرر عبد الناصر الخديعة وأرسل عضو الضباط الأحرار حسن التهامي إلى رئيس رابطة العلماء في دمشق السيد مكّي يقول أنه قد زالت عقبات تنفيذ الوعد، ولذا فإن الجمهورية تضع كل إمكانياتها تحت تصرف العلماء الثقات، وطلب الاجتماع في مصر واختيار العلماء، واستجاب العلماء، ومن حمص اختير الشيخ محمد علي مشعل مع مفتي حمص والشيخ أبو السعود عبد السلام والشيخ عبد الفتاح المسدي والشيخ عبد العزيز عيون السود والشيخ وصفي المسدي والشيخ عبد الغفار الدروبي، رحمهم الله جميعا. وفي ليلة ٢٧ رمضان اجتمع ستون عالما من علماء سورية في منزل السيد مكي الكتاني رحمه الله، ثم صبيحتها في قاعة جمعية الغراء بحضور الشيخ أحمد الدقر رحمه الله استعدادا للسفر إلى مصر، وهناك أُبلغوا بتأجيل المؤتمر وخشي العلماء أن تكون مؤامرة من القصر من أكرم الحوراني وصبري العسلي وخالد العظم للنيل من العلماء مجتمعين.


وكان الشيخ يقول: "معذورون بالخديعة لأن من الحكمة (من خدعنا بالله انخدعنا له)"، وإلا فما أراد أحد من العلماء إلا نصرة الإسلام وتطبيقه.


ووقف الشيخ محمد علي مشعل في حمص وخطب مبيّنا جرائم عبد الناصر، وكذا خطب الشيخ وصفي المسدي، وتألّب الناصريون والمخدوعون من الشعب عليهما وعلى العلماء.


وبعد الانفصال عام ١٩٦١م، وباختيار جمعية العلماء للشيخ محمد علي مشعل والشيخ محمد طيب خوجه وترشحهما باسم الجماعة.. كتب الله لهما النجاح في الانتخابات البرلمانية نائبين عن حمص، وحاز الشيخ محمد علي مشعل على أعلى الأصوات وبينه وبين مرشح الكتلة الشعبية الاشتراكية هاني السباعي أربعة آلاف صوت، وبينه وبين مرشحي حزب الشعب فيضي أتاسي وعدنان أتاسي ما يقرب من ستة آلاف صوت.
وكان مجموع من نجح من الإسلاميين في عموم القطر ثلاثة عشر نائبا. وساهم الشيخ بدوره في تشكيل الكتلة التعاونية الإسلامية التي ضمت الشيخ محمد علي مشعل وكلا من:
١. عصام العطار، ٢. زهير الشاويش، ٣. عبد الرؤوف أبو طوق، ٤. عمر عودة الخطيب، ٥. محمد مظهر العظمة، ٦. محمد سعيد العبار، ٧. حسين خطاب، ٨. محمد نبيل الخطيب، ٩. محمد طيب خوجة، ١٠. معروف الدواليبي، ١١. مصطفى الزرقا، ١٢. عبد الفتاح أبو غدة، رحمهم الله جميعا.


وكانت الكتلة في موقع لائق بها وألغي التأميم والإصلاح الزراعي. وفي إحدى الجلسات زيدت رواتب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء والنواب، فاعترض الشيخ وقال هل أنصفنا العمال والموظفين الصغار وأنصفنا كل الناس ولم يبق إلا نحن! وعارضه أكرم الحوراني بتأييد رفع الرواتب. وطُرح موضوع إنشاء تماثيل للشخصيات البارزة، فاعترض الشيخ وقال نحن المسلمين نحيي ذكرى المعلمين بتسمية مدارس باسمهم، أو مساجد أو شوارع أو مستشفيات أو مستوصفات، وأما أن نعمل تماثيل فهذا لا يليق بأمتنا.


وقُدم للمجلس قانون ينص على التعويض لأصحاب الأموال والأراضي وفيه احتساب فوائد مالية، وقدمت الكتلة للمجلس اقتراحا بإلغاء الفائدة حيث وجدت، ووافق المجلس، ثم فاجأهم الشيخ الزرقا بالاعتراض على إلغاء الفائدة على التعويض وأنها ليست من الربا، وتأجلت الجلسة إلى الغد. وشكى الزرقا مع رئيس مجلس الوزراء د. معروف الدواليبي الكتلةَ إلى السباعي. ودعا السباعي أعضاء الكتلة فسمع منهم واقتنع معهم بالفكرة. وفي اليوم الثاني في الجلسة، احتدم النقاش بين الزرقا والشاويش، وكان الشيخ يحكي بحسرة سقوط هيبة الكتلة في هذا الموقف وكيف بدأت تقتحمها الأنظار. وكما يقول الشيخ: "لا تقطع شجرة الإسلام إلا بغصن منها". وتم حل البرلمان بانقلاب ١٩٦٣م.


وكان الشيخ يسعى في رفع الظلم عن رجالات الدعوة، ومن مساعيه عام ١٩٦٣م التوسط لدى رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي من أجل التدخل لإلغاء حكم الإعدام بحق الأستاذ عصام العطار قبل أن يصدق عليه رئيس الوزراء السوري. وكذا سعى عام ١٩٦٦م في جمع تواقيع العلماء للمطالبة بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق سيد قطب.


وختاما لما عرضنا من نشاطه السياسي، يذكر أن الشيخ عرض على كبار المسؤولين الاهتمام بموضوع تفشي الجهل في مناطق النصيريّين وضرورة تعليمهم، فلم يكترث ناظم القدسي وتجاوب معه صبري العسلي وشكري القوتلي. وكان من الشيخ أيضا أن حذّر نور الدين الأتاسي في بيته بدمشق بحضور الشيخ عبد الفتاح المسدي من أن النصيريين يخططون لاستلام الحكم وأن هذا ذهاب للهاوية، فأجابه بأنهم مواطنون.


ويتبع عن مسيرته رحمه الله تعالى.


****
ليلة الجمعة ١٠ ربيع الأول ١٤٤٦هـ
الموافق ١٣ / ٩ / ٢٠٢٤م

تنويه:

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين