من مشاهير وعظماء الرِّجال (الشّيخ العلَّامة المعمَّر علي منصور الحمويّ القابونيّ 1914ـ 2010م)

من مشاهير وعظماء الرِّجال (الشّيخ العلَّامة المعمَّر علي منصور الحمويّ القابونيّ 1914ـ 2010م)

التصنيف: علماء فقهاء
الجمعة، 13 ربيع الأول 1447 هـ - 5 سبتمبر 2025
25
علي منصور الحموي...
علي منصور الحموي...
الميلاد :- الوفاة :2010 - 09 - 13

يُعدُّ الشَّيخُ المُعمَّرُ علي منصور الحمويّ القابونيّ من الرَّعيل الثَّاني لطلَّاب الشَّيخ حسن حبنَّكة الميداني، وقد كان من رفاق دربه في طلب العلم الشَّيخ حسين خطَّاب شيخ قرَّاء دمشق السَّابق، والشَّيخ كريِّم راجح شيخ قرَّاء دمشق اللَّاحق، والدُّكتور مصطفى الخنّ من الَّذين كان لهم دورٌ بارزٌ في نشر العلم الشَّرعيِّ والقراءات القرآنيَّة في بلاد الشَّام وفي العالم الإسلاميِّ،
وكان الشَّيخ حسن وأخوه الشَّيخ صادق يذكران الشَّيخ عليَّ كثيرًا في دروسهما، ويثنيان عليه، ولا عجب فقد انقطع الشَّيخ لطلب العلم في جامع منجك بالميدان لمدَّة تزيد على العشر سنوات، وكان من شيوخه أيضًا الشَّيخ بدر الدِّين الحسني المحدِّث الأكبر تلقَّى عنه علم الحديث في الجامع الأمويِّ، وكان أبرز ما يميِّزه دأبه وجَلَده وانصرافه للاستزادة من العلم، حتى غدا مضرب المثل في ذلك.
كان الشَّيخ علي منصور شغوفًا بطلب العلم، مواظبًا على تحصيله، زاحم بركبيتيه العلماء فتضلَّع من الفقه، والتَّفسير، والحديث، وعلوم الأصول، وعلم الحديث الشَّريف، والسِّيرة النَّبويَّة، وغدا خطيبًا بارعًا لا يخشى في الله لومة لائم، ولا يُشَقُّ له غبارٌ، وكان كثيرًا ما يردِّد: "أتمنَّى أن أقضي حياتي وأنا طالبٌ للعلم" وكان في خطبه يعتمد على المعلومات الشَّرعيَّة الموثوقة وعلى الأدلَّة والبراهين المستمدَّة من كتاب الله وسنَّة نبيِّه، وينكر على الوعَّاظ الَّذين يستدلُّون بالأحاديث الموضوعة، والقصص المختلقة والخرافات التي لا يقرُّها عقلٌ ولا دين.
اتخذ الشَّيخ من المسجد العمريِّ العريق الكبير بالقابون مقرًّا له بعد أن أشرف على تجديده وصيانته وترميمه وتوسيعه، فغدا المسجد منارةً من منارات العلم يقصده الناس لا من القابون وحدها بل من الرِّيف الدِّمشقيِّ كلِّه، وكثر تلاميذه فيه بعد أن كان يقال إنَّ الرِّيف فيه من الجهل الكثير ومن العلم القليل، وإنَّ الرِّيف مقبرة العلم والعلماء، ولكنَّه أصرَّ على متابعة ما بدأه في المسجد حتى أمضى ستِّين عامًا في الخطابة والتَّدريس والإمامة، فكان مثال العالم العامل المجتهد الَّذي لا يسأم ولا يملُّ ولا تفتر عزيمته في الدَّعوة إلى الله على بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة، وكان يقول:
"وقفت نفسي للدَّعوة لله عزَّ وجلَّ" واعتبر "أنَّ المسجد هو المصباح الَّذي ينير حياة النَّاس الَّذين يعيشون حوله، والعلماء هم المولِّد الَّذي يولِّد الكهرباء"
كان الشَّيخ حريصًا على خدمة النَّاس ملبِّيًا لاحتياجاتهم العلميَّة والتَّربويَّة والدَّعويَّة وخصوصًا في الأرياف، فقد أثر عنه قوله: "اخدموا النَّاس لوجه الله تعالى وإيَّاكم أن تطلبوا الدُّنيا بذلك، ولا ثناءَ النَّاس ولا شُكرَهم، ويجب على العلماء أن ينشروا دين الله في كل مناطق القطر وقراه وإلَّا فإنَّهم يتحمَّلون مسؤولية كبيرة أمام الله عن جهلهم" وكان يقوم على تزكية النُّفوس وتربيتها مشاركًا في المناسبات الدِّينية والاجتماعيَّة، عاملًا على توثيق الرَّوابط المجتعيَّة بوأد الفتنة والتَّسامي على مواضع الخلاف والاختلاف، فكان كثيرًا ما يردِّد أيضًا: "اسْعَوا جهدكم لجمع كلمة الله، واحذروا ممَّن يسعون لتفريق الأمَّة"
كان الشَّيخ علي منصور زاهدًا في الحياة الدُّنيا، يتَّسم بالإخلاص والأمانة والصَّبر والاجتهاد والتُّؤدة والعلم الغزير، وكان من الورع والتَّقوى بمكان مواظبًا على تلاوة القرآن الكريم، والإكثار من التَّنفُّل في الصِّيام على الرّغم من بلوغه قرابة المئة عام
ذُكر للشَّيخ مؤلَّفات عديدة لم أتوصل إليها منها: كتاب عن تاريخ القابون وعادات أهلها عند خَتْم القرآن وحفظه، وكيفيَّة تكريم حفَّاظ القرآن أتي فيه بالطَّريف اللَّطيف.
ـ رحم الله الشَّيخ المعمَّر العلَّامة الدَّاعية التَّقيَّ الورع الزَّاهد نقيَّ السَّريرة علي منصور الحمويّ القابونيّ الَّذي طال عمره، وحسن عمله، وقدَّم ما قدَّم في سبيل الدَّعوة، فعلَّمنا بسيرته الحافلة بالعلم والعطاء والقدوة الحسنة كيف يكون عظماء الرِّجال.


(من مصادر عديدة بتصرُّف)
محمد عصام علُّوش
6/صفر/1447هـ ـ 31/تموز/2025

تنويه:

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين