التقديم للكتاب:
يتناول هذا الكتاب بالدراسة والتحليل موضوع الإسرائيليات التي تسربت إلى كتب التراث الإسلامي، ولا سيما إلى تفاسير القرآن الكريم. وهو بحث علمي جاد يهدف إلى تنقية التراث الإسلامي من الأخبار المدسوسة والروايات المكذوبة التي جاءت على ألسنة أهل الكتاب – يهودًا ونصارى – وتم إدخالها إلى الثقافة الإسلامية إما عن قصد أو عن غير قصد، عبر بعض الرواة والمفسرين والمؤرخين، خاصة عند تناولهم قصص الأنبياء والأمم الغابرة.
يبدأ الباحث كتابه بمقدمة توضح أهمية الموضوع وخطورته، حيث أشار إلى أن كثيرًا من الروايات الواهية والقصص المفتعلة، وحتى الأحاديث الموضوعة، قد تسللت إلى كتب التفسير والسير والمغازي، وشوّهت في كثير من الأحيان صورة الإسلام ونبيّه صلى الله عليه وسلم، بل ومكانة الأنبياء عمومًا. ومن أبرز الأمثلة التي ناقشها الباحث قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش، والتي استغلها المستشرقون للطعن في النبي الكريم، متكئين على روايات إسرائيلية مغرضة لا أصل لها.
ينتقد الكتاب بشدة هذه الروايات التي تفتقر إلى السند الصحيح، ويبين كيف أن بعضها يتعارض مع العقيدة الإسلامية الصافية، وبعضها الآخر يتناقض مع العقل السليم، فضلاً عن تصادمه مع النصوص القطعية من الكتاب والسنة. وقد أشار إلى أن علماء الإسلام قد تنبهوا لهذه المشكلة منذ وقت مبكر، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض كثيرًا من هذه الروايات. كما بيّن الباحث الفروق بين التوراة والإنجيل الحاليين وبين النصوص الأصلية التي أوحى الله بها إلى أنبيائه، مؤكداً تحريف ما بأيدي اليهود والنصارى.
قسم المؤلف الروايات الإسرائيلية إلى ثلاثة أنواع:
- ما ثبت كذبه أو تعارضه مع الإسلام فلا يجوز روايته.
- ما لا يتعارض مع العقيدة ويحتمل الصدق، فيروى دون تصديق أو تكذيب.
- ما وافق نصوص الشريعة، فيروى للاستئناس لا للاستدلال.
تناول الكتاب نقدًا لأشهر كتب التفسير التي تسربت إليها هذه الإسرائيليات، مثل تفسير الطبري، وتفسير الثعلبي، وتفسير مقاتل بن سليمان، الذي وُصِف بأنه أكثرها تلوثًا بالإسرائيليات. كما أشاد الباحث بمنهج ابن كثير في الحذر من هذه الروايات، حيث كان يوردها مقرونة بدرجتها الحديثية، مع التعليق والتنبيه على ما فيها من مخالفة أو خرافة. كذلك نوه الباحث بجهود الأندلسي أبو حيان، والألوسي، والشيخ وهبة الزحيلي، والدكتور فخر الدين قباوة، في التفسير النقي البعيد عن الإسرائيليات.
خصص الباحث جزءًا تطبيقيًا موسعًا لعرض النماذج العملية من هذه الروايات في تفسير قصص الأنبياء، بدءًا من آدم عليه السلام وانتهاءً بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مبينًا ما فيها من مخالفات، مثل نَسبة الشعر إلى آدم، وقصة الغرانيق، وخرافات حول يأجوج ومأجوج والرعد والبرق والكسوف والخسوف.
وختم الباحث كتابه بالتأكيد على أن الكشف عن الإسرائيليات واجب شرعي ومطلب علمي، وأن ترويجها أو السكوت عنها يمثل خطرًا على وعي الأمة وعقيدتها. كما دعا إلى تنقية التفاسير والكتب التاريخية من هذه المفتريات، وإبراز الجهود العلمية الأصيلة في هذا المضمار.
جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين