التقديم للبحث:
تتناول هذه الرسالة العلمية دراسة حديث الغدير دراسةً تاريخية حديثية تحليلية، تجمع بين تحقيق الروايات وتحليل السياقات وفهم الدلالات، مع الحرص على عرض الموضوع بأسلوب منصف قائم على النصوص الأصلية ومصادر الفريقين. يقدّم المؤلِّف معالجة دقيقة لهذه الحادثة التي شكّلت نقطة خلافية في التاريخ الإسلامي، محاولًا إعادة قراءتها قراءة نقدية موضوعية تعتمد المعايير العلمية في جمع النصوص وتقويم دلالاتها.
تتضمن الرسالة عددًا من الأبواب والمباحث الواضحة، كما يظهر في فهرسها، حيث تبدأ بـ مقدّمة علمية تعالج أهمية الموضوع ومنهج البحث وطبيعة الاختلاف حول الغدير.
* ثم يدخل المؤلف إلى مبحث غدير خم من حيث تعريفه التاريخي والجغرافي، متناولًا: ما قبل الغدير، والزمان والمكان، ثم ذاكرة المكان مدعّمًا ذلك بالصور والخرائط التاريخية للمنطقة.
* يلي ذلك مبحث خطبة الغدير، وفيه يعرض المؤلف نص الخطبة الأساسية كما روتها كتب السنة، ويشير إلى طرقها وكثرة رواياتها، وتوثيق كبار المحدثين لها، كابن حجر والسيوطي وغيرهما.
* ينتقل بعد ذلك إلى أثر الخطبة في التاريخ، ثم يعرض رواية أخرى لحديث الغدير كما توردها المصادر الشيعية، خاصة الروايات المطوَّلة التي يوردها الطبرسي في الاحتجاج، مع مناقشة علمية لمدى قوة هذه المرويات وسياقاتها التاريخية
* وتضم الرسالة مبحثًا مهمًّا بعنوان تأملات في رواية الوصية، يناقش فيه الكاتب دعوى نصّية الغدير على الإمامة، مستعرضًا أقوال كبار علماء الشيعة المتقدّمين الذين لا يرون في الحديث نصًّا جليًّا، مثل الشريف المرتضى، والمحقق الحلي، والطوسي، وغيرهم
* ويحلّل المؤلِّف كذلك غياب أي إشارة لهذه الوصية في نهج البلاغة أو في مرويات الإمام علي عند السنة، مع تفصيل تاريخي دقيق يدلّ على عدم توارث هذه الدعوى في القرون الأولى.
ويختتم الكتاب بمبحث الغدير وفريضة التفكير، وهو تأصيل منهجي لضرورة النظر العقلي في الأخبار وتحليلها وفق قواعد النقد التاريخي التي أصّل لها ابن خلدون، ثم مبحث تكوين الكتاب وملحق الخرائط والصور التوثيقية لمنطقة الغدير، مما يجعل الرسالة ذات بعد ميداني علمي.
تهدف هذه الرسالة إلى:
تحقيق الروايات وبيان صحيحها من ضعيفها.
تحليل دلالة لفظ المولى ونقد توظيفه السياسي.
تفسير الحدث في سياقه التاريخي دون إسقاطات متأخرة.
تقريب وجهات النظر وتخفيف حدة الخلاف المذهبي عبر منهج علمي موضوعي، كما نصّ على ذلك مقدّم الكتاب.
فالرسالة دراسة علمية رصينة تُعيد موضوع حديث الغدير إلى سياقه الأصلي، وتثبت بالاعتماد على مصادر الفريقين أن الحديث متواتر في إثبات فضل علي وولايته بمعنى النصرة والمحبّة، لكنه لا يدل على نص جليّ في الإمامة، وهو ما تؤكده الشواهد التاريخية وصمت الإمام علي نفسه عن الاحتجاج به. وهي بهذا تقدم نموذجًا في البحث الموضوعي الذي يجمع بين التحقيق والدقة والإنصاف.
بقلم: عبد الوهاب الطريري
جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين
