التقديم للبحث:
«دلالة أولي الألباب وأثرها في السياق القرآني» هي دراسة تأصيلية تناولت مفهوم أولي الألباب في القرآن الكريم من حيث اللغة والمعنى والسياق، ومن حيث أثر هذا المفهوم في بناء الفكر القرآني ومنهج التدبر والتفكر. جاءت في أسلوبٍ يجمع بين التحليل اللغوي والدلالة السياقية والمنهج التفسيري المقارن.
مقدمة البحث
يبدأ الباحث بتمهيدٍ يوضح أهمية دراسة لفظ أولي الألباب، إذ ورد في ستة عشر موضعاً من القرآن الكريم، متصلاً بأربعة معانٍ رئيسة:
التقوى
التذكر والتدبر
التفكر والاعتبار
حسن الاتباع
ويُبيّن في المقدمة أن هذه الصفات تمثل النموذج القرآني للعقل الراجح والفكر السليم، فهي ميزان التفريق بين الحق والباطل، والهداية والزيغ. كما يذكر الباحث دوافع اختياره للموضوع، مثل الحاجة إلى إحياء منهج أولي الألباب في التفكير والتدبر، في زمن غلبت فيه القراءات السطحية للنصوص الشرعية، وكثرة الفتاوى دون تأمل أو عمق علمي.
منهج البحث
اعتمد الباحث على المنهج التأصيلي التحليلي، فجمع الآيات الواردة في وصف أولي الألباب، وحرّر مصطلحاتها الأساسية، وقارن أقوال المفسرين الكبار (كالطبري، الرازي، ابن كثير، القرطبي، الألوسي)، مستخلصًا الفروق اللغوية والدلالية، مع عزو كل قولٍ إلى مصدره، وتوثيق كل آية وسياقها.
خطة البحث
جاءت الدراسة في مقدمة وتمهيد، وفصلين رئيسين، وخاتمة، وفهرس للمراجع.
الفصل الأول: التأصيل لدلالة أولي الألباب
يتكون من تمهيد ومبحثين:
المبحث الأول: التعريف بمصطلحات البحث
تناول فيه الباحث المفاهيم اللغوية الدقيقة للمصطلحات المرتبطة بأولي الألباب، مثل:
اللبّ: خالص الشيء وزبدته، وهو كناية عن صفاء العقل وتمامه.
العقل: ما يزجر عن القبيح ويميز بين الحق والباطل.
القلب: محل الإدراك الروحي والعاطفي.
الفؤاد: موطن العاطفة المتقدة والفكر المتوقد.
الحكمة، التذكر، الفكر، النهى، الصدر، العاطفة… وغيرها.
ويُبرز الباحث العلاقة التكاملية بين هذه المفاهيم، مبينًا أن اللبّ يجمع صفاء العقل والقلب معاً، فهو جوهر الإدراك الذي يجمع العلم والإيمان والتزكية.
المبحث الثاني: تحرير المصطلحات والفروق بينها
يفرق الباحث بين اللبّ والعقل والنهى والحِجى، موضحاً أن اللبّ هو خلاصة الخلاصة من الإدراك، وأن وصف «أولي الألباب» يختص بمن بلغ كمال العقل واليقين، لا بمجرد الفهم النظري.
ثم يعرض الآيات التي ورد فيها ذكر أولي الألباب، مبوبة بحسب معانيها الأربعة (التقوى – التدبر – التفكر – الاتباع)، مع تفسير موجز لسياق كل آية من سور: البقرة، آل عمران، الرعد، الزمر، غافر، يوسف، إبراهيم، الطلاق وغيرها.
الفصل الثاني: الميزات الأخلاقية والمعرفية لأولي الألباب
يتضمن مبحثين كبيرين، وفي كل مبحث مجموعة مطالب تفصيلية:
المبحث الأول: الميزات المعرفية لأولي الألباب (ستة مطالب)
المعرفة بالقرآن الكريم: فهم ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه.
إدراك الحكمة من وجود المتشابه: تدريب للعقل على البحث والتأمل لا على التسليم الأعمى.
إعمال العقل والقياس: منهج استدلالي متزن يربط الغيب بالشهادة.
تمييز الفتنة واجتنابها: الفتنة اختبار للقلوب، ولا ينجو منها إلا أولو الألباب.
إدراك “أحسن القصص”: من خلال الاعتبار بسنن الله في التاريخ.
فهم أحكام الله وعللها: إدراك الحكمة في التشريع والسياق، واستنباط العبرة من خطاب الله تعالى.
المبحث الثاني: الميزات الأخلاقية لأولي الألباب (أربعة مطالب)
الوفاء بعهد الله وعدم نقض الميثاق: التزام الإيمان والوفاء بالعقود.
صلة ما أمر الله به أن يوصل: شمول الصلة في كل مجالات الطاعة والعلاقات الإنسانية.
القنوت والخشية لله: الجمع بين العلم والعبادة، والخوف والرجاء.
الإقناع العقلي في الدعوة: التوجيه إلى الحوار بالحكمة والبرهان، كما يظهر في الآيات:
“الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب”.
ويضيف الباحث أن من صفاتهم كذلك: الصبر ابتغاء وجه الله، وإقامة الصلاة، والإنفاق في سبيل الله، فهي أعمال تعكس عمق الوعي الإيماني.
الخاتمة
يلخص الباحث نتائج دراسته مؤكداً أن:
أولو الألباب يمثلون النموذج القرآني للعقل الراشد الموحِّد.
فهم نصوص الوحي لا يكتمل إلا بتدبرٍ نابع من قلبٍ نقي وعقلٍ متأمل.
الفكر الإيماني في القرآن يقوم على التوازن بين العقل والعاطفة والروح.
ضرورة ترسيخ هذا المنهج في التعليم الشرعي لتزكية الفكر من الجمود والتقليد.
المصادر والمراجع
استند البحث إلى نحو ثلاثين مرجعًا من أمهات كتب اللغة والتفسير، منها:
كتاب العين، معجم مقاييس اللغة، الفروق اللغوية، تفسير الطبري، تفسير ابن كثير، روح المعاني للألوسي، في ظلال القرآن لسيد قطب، التحرير والتنوير لابن عاشور، تفسير الشعراوي، فتح البيان، الراغب الأصفهاني، إعجاز القرآن للباقلاني وغيرها.
إعداد: أحمد عمر النعمة
جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين
