الغش والتعريض
الجمعة، 26 رمضان 1445 هـ - ٥ أبريل ٢٠٢٤

نص الاستشارة:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، أما بعد، شخص قد حصل على شهادة جامعية، و قد نجح في مواد بمجهوده و تعبه، و مواد أخرى نجح فيها بالغش، و مواد أخرى تراكمت عليه في العام الأخير من سنوات دراسية سابقة بسبب ظروف الحرب في بلد الدراسة و تتمة الدراسة عن بعد من بلده بعد رجوعه إليه مضطرا، و أيضا بسبب تقصير وقع منه، فداهمه الوقت في نهاية السنة الأخيرة و لم يكفه لإنجاز عدد من المواد، فقام بتزوير النجاح فيها عبر دفع رشوة، فحصل على الشهادة، و لم يترك الدراسة قبل ذلك خوفا من غضب والده عليه الذي كان قد دفع تكاليف كثيرة لدراسته هذه. و قد كان يعرف هذا الطالب أن فعل التزوير حرام و كبيرة، لكنه كان يقول قبل ذلك أنه سيقوم به اضطرارا ثم يتوب بعد ذلك إلى الله تعالى، عازما على عدم العودة أبدا، و أيضا عزم على عدم العمل بهذه الشهادة التي فيها غش و تزوير و ذلك تجنبا لشبهة الحرام في الكسب، لكنه قال أنه سيأخذ هذه الشهادة شكليا فقط حتى لا يغضب والده الذي كان ينتظر الشهادة، و الذي هو مريض بارتفاع الضغط، و أيضا دفعا لكلام العائلة و الناس الذين كانوا يعلمون بدراسته في البلد الأجنبي. فهل توبته هذه صحيحة و لو أنه كان يعلم مسبقا بأن ما سيفعله أمر محرم و كان ينوي التوبة بعده؟ و بعد توبته إلى الله تعالى من ذنب الغش و التزوير و ندمه، هناك مسألة ثانية، و هي عندما يسأله الناس هل حصلت على الشهادة، فهو لا يريد الكذب لأنه يعلم أنه لم يحصل على الشهادة حقيقة، و لكن في نفس الوقت، لا يريد أن يقع في الحرج أمامهم، فكان يلجأ إلى التعريض بأن يقول لهم ظاهرا أنه حصل على الشهادة، لكنه في نفس ذلك الوقت يقصد في قلبه أنه حصل على الشهادة لكن بغش و تزوير، فهل هذا التعريض في هذه الحالة صحيح؟ و هل يجوز له استعماله طبقا لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" ؟ و هل إذا سأله الناس في المستقبل عن حصوله على الشهادة و قام بالتعريض بهذا الكلام و نحوه هل يكون قد نجا من الكذب؟ و هناك مسألة ثالثة، أنه يخاف أن يكون بجوابه للناس بحصوله على الشهادة مع استعمال المعاريض، أن يكون رغم ذلك متلبسا بما لم يعط، و يخاف أن يدخل في الآية: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم)، فهل بتوبته النصوح إلى الله تعالى من الغش و الرشوة و التزوير، و استعماله للمعاريض إذا سأله أحد عن شهادته (التي قرر أن لا يعمل بها)، هل ينجو بذلك من الدخول في هذه الآية، و حديث المتلبس بما لم يعط؟ أرجو منكم الإرشاد إلى الصواب في هذه القضية و جزاكم الله ألف خير.

الإجابة:

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته، 

تسأل عن شيء مضى، والمعصية قد حصلت، والتوبة الآن واجبة بلا شك، وإن صدقت التوبة نرجو القبول من الله تعالى، ومن شروط صحة التوبة أن تندم على ما فعلت ولا تعود إليه، ولعل من علائم صدق التوبة ألا تغش الناس بهذه الشهادة، والغش بالدرجة الأولى يظهر عند العمل بهذه الشهادة وأنت لا تتقن هذا الاختصاص أو العمل لأنك غششت أصلا في هذه الدراسة، ومن الغش أن تبني الدراسات العليا على هذه الشهادة، وأما سؤال الناس وجوابهم فلا شك أن اللجوء الى المعاريض أسلم من التصريح، وأما سؤالك الثالث فنرجو ألا تدخل في زمرة المتلبسين بما لم يُعطوا ما لم تكن أنت المبادر الى إظهار ذلك والتفاخر به، فإذا بقي الأمر عند حدود الحاجة وجواب السؤال فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى، وكل ذلك مع صدق التوبة، والله أعلم